حَاكِمٌ وَلَا زَاجِرٌ وَلَا رَادِعٌ سِوَى نَائِبِ الْقَلْعَةِ عَلَمِ الدِّينِ أَرْجُوَاشَ، وَهُوَ مَشْغُولٌ عَنِ الْبَلَدِ بِالْقَلْعَةِ.
وَفِي لَيْلَةِ الْأَحَدِ ثَانِي رَبِيعٍ الْآخِرِ كَسَرَ الْمَحْبُوسُونَ بِحَبْسِ بَابِ الصَّغِيرِ بَابَ السِّجْنِ وَخَرَجُوا مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ، فَنَهَبُوا مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ، وَجَاءُوا إِلَى بَابِ الْجَابِيَةِ، فَكَسَرُوا أَقْفَالَ الْبَابِ الْجُوَّانِيِّ وَأَخَذُوا مِنَ الْبَاشُورَةِ مَا شَاءُوا، ثُمَّ كَسَرُوا أَقْفَالَ الْبَابِ الْبَرَّانِيِّ، وَخَرَجُوا مِنْهُ عَلَى حَمِيَّةٍ، فَتَفَرَّقُوا حَيْثُ شَاءُوا لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى رَدِّهِمْ وَلَا صَدِّهِمْ، وَعَاثَتِ الْحَرَافِشَةُ فِي ظَاهِرِ الْبَلَدِ، فَكَسَرُوا أَبْوَابَ الْبَسَاتِينِ، وَقَلَعُوا مِنَ الْأَبْوَابِ وَالشَّبَابِيكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْئًا كَثِيرًا، وَبَاعُوهُ بِأَرْخَصِ الْأَثْمَانِ.
هَذَا وَسُلْطَانُ التَّتَارُ قَدْ قَصَدَ دِمَشْقَ بَعْدَ الْوَقْعَةِ، فَاجْتَمَعَ أَعْيَانُ الْبَلَدِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ فِي مَشْهَدٍ عَلِيٍّ، وَاتَّفَقُوا عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى قَازَانَ لِتَلَقِّيهِ، وَأَخَذِ الْأَمَانِ مِنْهُ لِأَهْلِ دِمَشْقَ، فَتَوَجَّهُوا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَالِثِ رَبِيعٍ الْآخِرِ، فَاجْتَمَعُوا بِهِ عِنْدَ النَّبْكِ، وَكَلَّمَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ تَيْمِيَةَ كَلَامًا قَوِيًّا شَدِيدًا، فِيهِ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ عَادَ نَفْعُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ لَيْلَتَئِذٍ مِنْ جِهَةِ قَازَانَ، فَنَزَلُوا الْبَاذَرَائِيَّةَ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ الْبَلَدِ سِوَى بَابِ تُومَا، وَخَطَبَ الْخَطِيبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِالْجَامِعِ، وَلَمْ يَذْكُرْ سُلْطَانًا فِي خُطْبَتِهِ، وَبَعْدَ الصَّلَاةِ قَدِمَ الْأَمِيرُ إِسْمَاعِيلُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الرُّسُلِ، فَنَزَلُوا بِبُسْتَانِ الظَّاهِرِ عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute