الشَّرْكُوِينُ، غَرْبِيَّ بُصْرَى، بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَذْرِعَاتٍ، وُلِدَ بِهَا فِي حُدُودِ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَاشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ عِنْدَ أَخْوَالِهِ بَنِي عُقْبَةَ بِبُصْرَى، فَقَرَأَ " الْبِدَايَةَ " فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَفِظَ " جَمُلَ الزَّجَّاجِيِّ "، وَعُنِيَ بِالنَّحْوِ، وَالْعَرَبِيَّةِ، وَاللُّغَةِ، وَحِفْظِ أَشْعَارِ الْعَرَبِ، حَتَّى كَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ الْجَيِّدَ الْفَائِقَ الرَّائِقَ فِي الْمَدِيحِ، وَالْمَرَاثِي، وَقَلِيلٍ مِنَ الْهِجَاءِ، وَقُرِّرَ فِي مَدَارِسِ بُصْرَى بِمَبْرَكِ النَّاقَةِ شَمَالِيَّ الْبَلَدِ حَيْثُ يُزَارُ، وَهُوَ الْمَبْرَكُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ النَّاسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى خَطَابَةِ الْقَرْيَةِ شَرْقِيَّ بُصْرَى، وَتَمَذْهَبَ لِلشَّافِعِيِّ، وَأَخَذَ عَنِ النَّوَاوِيِّ، وَالشَّيْخِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَكَانَ يُكْرِمُهُ، وَيَحْتَرِمُهُ فِيمَا أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ، فَأَقَامَ بِهَا نَحَوًا مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ تَحَوَّلَ إِلَى خَطَابَةِ مُجَيْدِلِ الْقَرْيَةِ الَّتِي مِنْهَا الْوَالِدَةُ، فَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً فِي خَيْرٍ، وَكِفَايَةٍ، وَتِلَاوَةٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَ يَخْطُبُ جَيِّدًا، وَلَهُ قَبُولٌ عِنْدَ النَّاسِ، وَلِكَلَامِهِ وَقْعٌ لِدِيَانَتِهِ، وَفَصَاحَتِهِ، وَحَلَاوَتِهِ، وَكَانَ يُؤْثِرُ الْإِقَامَةَ فِي الْبِلَادِ لِمَا يَرَى فِيهَا مِنَ الرِّفْقِ وَوُجُودِ الْحَلَالِ لَهُ وَلِعِيَالِهِ، وَقَدْ وُلِدَ لَهُ عِدَّةُ أَوْلَادٍ مِنَ الْوَالِدَةِ، وَمِنْ أُخْرَى قَبْلَهَا، أَكْبَرُهُمْ إِسْمَاعِيلُ، ثُمَّ يُونُسُ وَإِدْرِيسُ، ثُمَّ مِنَ الْوَالِدَةِ عَبْدُ الْوَهَّابِ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدٌ، وَأَخَوَاتٌ عِدَّةٌ، ثُمَّ أَنَا أَصْغُرُهُمْ، وَسُمِّيتُ بِاسْمِ الْأَخِ إِسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ قَدِمَ دِمَشْقَ فَاشْتَغَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ عَلَى وَالِدِهِ، وَقَرَأَ مُقَدِّمَةً فِي النَّحْوِ، وَحَفِظَ " التَّنْبِيهَ "، وَ " شَرْحَهُ " عَلَى الْعَلَّامَةِ تَاجِ الدِّينِ الْفَزَارِيِّ، وَحَصَّلَ " الْمُنْتَخَبَ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، قَالَهُ لِي شَيْخُنَا ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ،، ثُمَّ إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute