وَفِي مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْآخِرِ جَلَسَ السُّلْطَانُ بُو سَعِيدِ بْنُ خَرْبَنْدَا عَلَى تَخْتِ الْمَمْلَكَةِ بِالْمَدِينَةِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَفِي رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْهَا أَغَارَ جَيْشُ حَلَبَ عَلَى مَدِينَةِ آمِدَ، فَنَهَبُوا، وَسَبَوْا، وَعَادُوا سَالِمِينَ. وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعِ عِشْرِينَ مِنْهُ قَدِمَ قَاضِي الْمَالِكِيَّةِ إِلَى الشَّامِ مِنْ مِصْرَ، وَهُوَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَلَامَةَ الْإِسْكَنْدَرِيُّ الْمَالِكِيُّ عَلَى قَضَاءِ دِمَشْقَ، عِوَضًا عَنْ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالِ الدِّينِ الزَّوَاوِيِّ لِضَعْفِهِ، وَاشْتِدَادِ مَرَضِهِ، فَالْتَقَاهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ بِالْجَامِعِ ثَانِي يَوْمِ وُصُولِهِ، وَهُوَ مُؤَرَّخٌ بِثَانِي عَشَرَ الشَّهْرِ، وَقَدِمَ نَائِبُهُ الْفَقِيهُ نُورُ الدِّينِ السَّخَاوِيُّ، وَدَرَّسَ بِالْجَامِعِ فِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْفُقَهَاءُ، وَالْأَعْيَانُ، وَالْقُضَاةُ، وَشُكِرَتْ فَضَائِلُهُ، وَعُلُومُهُ، وَنَزَاهَتُهُ، وَصَرَامَتُهُ، وَدِيَانَتُهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ تُوُفِّيَ الزَّوَاوِيُّ الْمَعْزُولُ، وَقَدْ بَاشَرَ الْقَضَاءَ بِدِمَشْقَ ثَلَاثِينَ سَنَةً.
وَفِيهِ أُفْرِجَ عَنِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ بَهَادُرَآصْ مِنْ سِجْنِ الْكَرَكِ، وَحُمِلَ إِلَى الْقَاهِرَةِ، وَأَكْرَمَهُ السُّلْطَانُ، وَكَانَ سِجْنُهُ بِهَا مُطَاوَعَةً لِإِشَارَةِ نَائِبِ الشَّامِ بِسَبَبِ مَا كَانَ وَقَعَ بَيْنَهُمَا بِمَلَطْيَةَ.
وَخَرَجَ الْمَحْمَلُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ تَاسِعِ شَوَّالٍ، وَأَمِيرُ الْحَجِّ سَيْفُ الدِّينِ كُجْكُنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute