عَنْ فَخْرِ الدِّينِ ابْنِ شَيْخِ السَّلَامِيَّةِ، وَبَاشَرَ ابْنُ الْقَلَانِسِيِّ الْحِسْبَةَ مَعَ نَظَرِ الْخِزَانَةِ.
وَفِي هَذَا الشَّهْرِ حُمِلَ كَرِيمُ الدِّينِ - وَكِيلُ السُّلْطَانِ - مِنَ الْقُدْسِ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَاعْتُقِلَ، ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ أَمْوَالٌ وَذَخَائِرُ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ نُفِيَ إِلَى الصَّعِيدِ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ نَفَقَاتٌ سُلْطَانِيَّةٌ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ مِنْ عَيَالِهِ، وَطُلِبَ كَرِيمُ الدِّينِ الصَّغِيرُ، وَصُودِرَ بِأَمْوَالٍ جَمَّةٍ، وَحُبِسَ ثُمَّ أُطْلِقَ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ قُرِئَ كِتَابُ السُّلْطَانِ بِالْمَقْصُورَةِ مِنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بِحَضْرَةِ النَّائِبِ وَالْقُضَاةِ، يَتَضَمَّنُ إِطْلَاقَ مَكْسِ الْغَلَّةِ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسِ جَمِيعِهِ، فَكَثُرَتِ الْأَدْعِيَةُ لِلسُّلْطَانِ مِنَ الْخَوَاصِّ، وَالْعَوَامِّ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدِمَ الْبَرِيدُ إِلَى نَائِبِ الشَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَامِسِ عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِعَزْلِ قَاضِي الشَّافِعِيَّةِ الزُّرَعِيِّ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَامْتَنَعَ بِنَفْسِهِ مِنَ الْحُكْمِ، وَأَقَامَ بِالْعَادِلِيَّةِ بَعْدَ الْعَزْلِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهَا إِلَى الْأَتَابِكِيَّةِ، وَاسْتَمَرَّتْ بِيَدِهِ مَشْيَخَةُ الشُّيُوخِ وَتَدْرِيسِ الْأَتَابِكِيَّةِ، وَاسْتَدْعَى نَائِبُ السَّلْطَنَةِ شَيْخَنَا الْإِمَامَ الزَّاهِدَ بُرْهَانَ الدِّينِ الْفَزَارِيَّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَامْتَنَعَ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ بِكُلِّ مُمْكِنٍ فَأَبَى وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَأَرْسَلَ فِي أَثَرِهِ أَعْيَانَ النَّاسِ إِلَى الْمَدْرَسَةِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ بِكُلِّ حِيلَةٍ فَامْتَنَعَ مِنْ قَبُولِ الْوِلَايَةِ، وَصَمَّمَ أَشَدَّ التَّصْمِيمِ، جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَنْ مُرُوءَتِهِ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ قَدِمَ الْبَرِيدُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِطَلَبِ الْخَطِيبِ جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ لِتَوْلِيَةِ قَضَاءِ الشَّامِ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ خُلِعَ عَلَى الصَّدْرِ تَقِيِّ الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute