بِالظَّاهِرِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنِ ابْنِ الزَّمْلَكَانِيِّ، سَافَرَ عَلَى قَضَاءِ حَلَبَ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقَاضِي الْقَزْوِينِيُّ.
وَجَاءَ كِتَابٌ صَادِقٌ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَوْلَى شَمْسِ الدِّينِ بْنِ سِنَانٍ، يَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْأَمِيرَ جُوبَانَ أَعْطَى الْأَمِيرَ مُحَمَّدَ حُسَيْنَاهْ قَدَحًا فِيهِ خَمْرٌ لِيَشْرَبَهُ، فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، وَأَقْسَمَ، فَأَبَى أَشَدَّ الْإِبَاءِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَمْ تَشْرَبْهَا كَلَّفْتُكَ أَنْ تَحْمِلَ ثَلَاثِينَ تُومَانًا، فَقَالَ: نَعَمْ، أَحْمِلُ وَلَا أَشْرَبُهَا، فَكَتَبَ عَلَيْهِ حُجَّةً بِذَلِكَ، وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى أَمِيرٍ آخَرَ يُقَالُ لَهُ: يَلْبَى، فَاسْتَقْرَضَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ؛ ثَلَاثِينَ تُومَانًا، فَأَبَى أَنْ يُقْرِضَهُ إِلَّا بِرِبْحِ عَشَرَةِ تَوَامِينَ، فَاتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ، فَبَعَثَ يَلْبَى إِلَى جُوبَانَ يَقُولُ لَهُ: الْمَالُ الَّذِي طَلَبْتَهُ مِنْ حُسَيْنَاهْ عِنْدِي، فَإِنْ رَسَمْتَ حَمَلْتُهُ إِلَى الْخِزَانَةِ الشَّرِيفَةِ، وَإِنْ رَسَمْتَ تُفَرِّقُهُ عَلَى الْجَيْشِ، فَأَرْسَلَ جُوبَانُ إِلَى مُحَمَّدِ حُسَيْنَاهْ فَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ: تَزِنُ أَرْبَعِينَ تُومَانًا وَلَا تَشْرَبُ قَدَحًا مَنْ خَمْرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَمَزَّقَ الْحُجَّةَ الْمُكْتَتَبَةَ عَلَيْهِ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ، وَحَكَّمَهُ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا، وَوَلَّاهُ وِلَايَاتٍ كِبَارًا، وَحَصَلَ لِجُوبَانَ إِقْلَاعٌ وَإِنَابَةٌ، وَرُجُوعٌ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا كَانَ يَتَعَاطَاهُ، رَحِمَ اللَّهُ حُسَيْنَاهْ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ فِتْنَةٌ بِأَصْبَهَانَ قُتِلَ بِسَبَبِهَا أُلُوفٌ مِنْ أَهْلِهَا، وَاسْتَمَرَّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute