للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ حَادِي عِشْرِينَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بُكْرَةَ النَّهَارِ ضُرِبَتْ عُنُقُ نَاصِرِ ابْنِ الشَّرَفِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْهِيتِيِّ بِسُوقِ الْخَيْلِ، عَلَى كُفْرِهِ، وَاسْتِهَانَتِهِ، وَاسْتِهْتَارِهِ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَصُحْبَتِهِ الزَّنَادِقَةِ كَالنَّجْمِ بْنِ خَلِّكَانَ، وَالشَّمْسِ مُحَمَّدٍ الْبَاجُرْبَقِيِّ، وَابْنِ الْمِعْمَارِ الْبَغْدَادِيِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ فِيهِ انْحِلَالٌ وَزَنْدَقَةٌ مَشْهُورٌ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ.

قَالَ الشَّيْخُ عَلَمُ الدِّينِ الْبِرْزَالِيُّ: وَرُبَّمَا زَادَ هَذَا الْمَذْكُورُ الْمَضْرُوبُ الْعُنُقِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَالتَّلَاعُبِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِالنُّبُوَّةِ وَالْقُرْآنِ. قَالَ: وَحَضَرَ قَتْلَهُ الْعُلَمَاءُ، وَالْأَكَابِرُ، وَأَعْيَانُ الدَّوْلَةِ. قَالَ: وَكَانَ هَذَا الرَّجُلُ قَدْ حَفِظَ " التَّنْبِيهَ " فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي الْخِتَمِ بِصَوْتٍ حَسَنٍ، وَعِنْدَهُ نَبَاهَةٌ وَفَهْمٌ، وَكَانَ مُنَزَّلًا فِي الْمَدَارِسِ وَالتُّرَبِ، ثُمَّ إِنَّهُ انْسَلَخَ مِنْ ذَلِكَ جَمِيعِهِ، وَكَانَ قَتْلُهُ عِزًّا لِلْإِسْلَامِ، وَذُلًّا لِلزَّنَادِقَةِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ.

قُلْتُ: وَقَدْ شَهِدْتُ قَتْلَهُ، كَانَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ حَاضِرًا يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ أَتَاهُ وَقَرَّعَهُ عَلَى مَا كَانَ يَصْدُرُ مِنْهُ قَبْلَ قَتْلِهِ، ثُمَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَأَنَا مُشَاهِدٌ ذَلِكَ.

وَفِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ رُسِمَ بِإِخْرَاجِ الْكِلَابِ مِنْ مَدِينَةِ دِمَشْقَ، فَجُعِلُوا فِي الْخَنْدَقِ ظَاهِرَ بَابِ الصَّغِيرِ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ شَرْقِيٍّ، الذُّكُورُ عَلَى حِدَةٍ، وَالْإِنَاثُ عَلَى حِدَةٍ، وَأُلْزِمَ أَصْحَابُ الدَّكَاكِينِ بِذَلِكَ، وَشَدَّدُوا فِي أَمْرِهِمْ أَيَّامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>