للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمِلَتْ لَهُ خَتَمَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَرُئِيَتْ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ عَجِيبَةٌ، وَرُثِيَ بِأَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا. وَقَدْ أُفْرِدَتْ لَهُ تَرَاجِمُ كَثِيرَةٌ، وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرُهُمْ، وَسَنَحْصُرُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ تَرْجَمَةً وَجِيزَةً فِي ذِكْرِ مَنَاقِبِهِ، وَفَضَائِلِهِ، وَشَجَاعَتِهِ، وَكَرَمِهِ، وَنُصْحِهِ، وَزَهَادَتِهِ، وَعِبَادَتِهِ، وَعُلُومِهِ الْكَثِيرَةِ الْمُحَرَّرَةِ، وَمُصَنَّفَاتِهِ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ فِي الْعُلُومِ، وَمُفْرَدَاتِهِ فِي الِاخْتِيَارَاتِ الَّتِي نَصَرَهَا وَأَفْتَى بِهَا.

وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ، وَمِمَّنْ يُصِيبُ وَيُخْطِئُ، وَقَدْ صَحَّ فِي الْبُخَارِيِّ: «إِذَا اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» . وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إِلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ.

وَفِي السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ نَقَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ سَيْفُ الدِّينِ تَنْكِزُ حَوَاصِلَهُ وَأَمْوَالَهُ مِنْ دَارِ الذَّهَبِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ إِلَى الدَّارِ الَّتِي أَنْشَأَهَا، وَكَانَتْ تُعْرَفُ بِدَارِ فُلُوسٍ، فَسُمِّيَتْ دَارَ الذَّهَبِ، وَعَزَلَ خَزِنْدَارَهُ نَاصِرَ الدِّينِ مُحَمَّدَ بْنَ عِيسَى، وَوَلَّى مَكَانَهُ مَمْلُوكَهُ أَبَاجِي.

وَفِي هَذَا الشَّهْرِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ، جَاءَ إِلَى مَدِينَةِ عَجْلُونَ سَيْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الْعَصْرِ، فَهَدَمَ مِنْ جَامِعِهَا وَأَسْوَاقِهَا وَرِبَاعِهَا وَدُورِهَا شَيْئًا كَثِيرًا، وَغَرِقَ سَبْعَةُ نَفَرٍ، وَهَلَكَ لِلنَّاسِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْغَلَّاتِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْمَوَاشِي مَا يُقَارِبُ قِيمَتُهُ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>