قَضَاءُ الشَّامِ بَعْدَ ابْنِ صَصْرَى، وَأَلَحَّ عَلَيْهِ نَائِبُ الشَّامِ بِنَفْسِهِ وَأَعْوَانِهِ مِنَ الدَّوْلَةِ فَلَمْ يَقْبَلْ، وَصَمَّمَ وَامْتَنَعَ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَكَانَ مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ، عَارِفًا بِزَمَانِهِ، مُسْتَغْرِقًا أَوْقَاتَهُ فِي الِاشْتِغَالِ وَالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا، كَثِيرَ الْمُطَالَعَةِ وَإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ سَمَّعْنَا عَلَيْهِ " صَحِيحَ مُسْلِمٍ "، وَغَيْرَهُ، وَكَانَ يُدَرِّسُ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَهُ تَعْلِيقٌ كَبِيرٌ عَلَى " التَّنْبِيهِ "، فِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَا لَيْسَ يُوجَدُ فِي غَيْرِهِ، وَلَهُ تَعْلِيقٌ عَلَى " مُخْتَصَرِ ابْنِ الْحَاجِبِ " فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَلَهُ مُصَنَّفَاتٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كِبَارٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ أَرَ شَافِعِيًّا مِنْ مَشَايِخِنَا مِثْلَهُ.
وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَسَنَ الشَّكْلِ، عَلَيْهِ الْبَهَاءُ، وَالْجَلَالَةُ، وَالْوَقَارُ، حَسَنَ الْأَخْلَاقِ، فِيهِ حِدَّةٌ ثُمَّ يَعُودُ قَرِيبًا، وَكَرَمُهُ زَائِدٌ، وَإِحْسَانُهُ إِلَى الطَّلَبَةِ كَثِيرٌ، وَكَانَ لَا يَقْتَنِي شَيْئًا، بَلْ يَصْرِفُ مُرَتَّبَهُ وَجَامِكِيَّةَ مَدْرَسَتِهِ فِي مَصَالِحِهِ، وَقَدْ دَرَّسَ بِالْبَادَرَائِيَّةِ مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ إِلَى عَامِهِ هَذَا، تُوُفِّيَ بُكْرَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَابِعِ جُمَادَى الْأُولَى بِالْمَدْرَسَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَقِبَ الْجُمُعَةِ بِالْجَامِعِ، وَحُمِلَتْ جَنَازَتُهُ عَلَى الرُّءُوسِ وَأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ، وَكَانَتْ حَافِلَةً، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ وَعَمِّهِ وَذَوِيهِ بِبَابِ الصَّغِيرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ الْوَرِعُ مَجْدُ الدِّينِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute