فَيَتَسَلَّمُوهَا مِنَ الْبِلَادِ الْبَرَّانِيَّةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ عَلَى الْعَادَةِ وَالْأُمَرَاءُ وَالسَّادَةُ، وَهَذَا كُلُّهُ وَهُوَ مُخَيِّمٌ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ، لَا يَحْصُرُهُ بَلَدٌ وَلَا يَحْوِيهِ سُورٌ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ رَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ خَرَجَتْ تَجْرِيدَةٌ نَحْوُ عَشَرَةٍ طَلِيعَةً لِتَلَقِّي مَنْ يَقْدُمُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، إِمَّا مُقَاتِلًا أَوْ مُخَامِرًا عَلَيْهِمْ، وَهِيَ أَلْفَانِ بِمُقَدَّمَيْنِ، هَذَا كُلُّهُ وَالْأَخْبَارُ تَقْدُمُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بِاخْتِلَافِ الْأُمَرَاءِ عَلَى السُّلْطَانِ، وَأَنَّ الْأُمَرَاءَ مُبَايِعُونَ لِلشَّامِيِّينَ، وَتَقْدُمُ التَّجَارِيدُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ بِبَقَاءِ الْأَمْرِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يُصَدِّقْهُمُ النَّائِبُ، وَرُبَّمَا عَاقَبَ بَعْضَهُمْ، ثُمَّ رَفَعَهُمْ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَأَهِلُ دِمَشْقَ مَا بَيْنَ مُصَدِّقٍ بِاخْتِلَافِ الْمِصْرِيِّينَ، وَمَا بَيْنَ قَائِلٍ: السُّلْطَانُ الْكَامِلُ قَائِمُ الصُّورَةِ، مُسْتَمِرٌّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَالتَّجَارِيدُ الْمِصْرِيَّةُ وَاصِلَةٌ قَرِيبًا، وَلَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ خَبْطَةٍ عَظِيمَةٍ. وَتَشَوَّشَتْ أَذْهَانُ النَّاسِ وَأَحْوَالُهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُحْسِنَ الْعَاقِبَةَ.
وَحَاصِلُ الْقَضِيَّةِ أَنَّ الْعَامَّةَ مَا بَيْنَ تَصْدِيقٍ وَتَكْذِيبٍ، وَنَائِبُ السَّلْطَنَةِ وَخَوَاصُّهُ مِنْ كِبَارِ الْأُمَرَاءِ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ الْأُمَرَاءَ عَلَى خُلْفٍ شَدِيدٍ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ بَيْنَ السُّلْطَانِ الْكَامِلِ شَعْبَانَ وَبَيْنَ أَخِيهِ أَمِيرِ حَاجِّي، وَالْجُمْهُورُ مَعَ أَخِيهِ أَمِيرِ حَاجِّي، ثُمَّ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ إِلَى النَّائِبِ بِأَنَّ التَّجَارِيدَ الْمِصْرِيَّةَ خَرَجَتْ تَقْصِدُ الشَّامَ وَمَنْ فِيهِ مِنَ الْجُنْدِ لِتُوَطِّدَ الْأَمْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ تَرَاجَعَتْ رُءُوسُ الْأُمَرَاءِ فِي اللَّيْلِ إِلَى مِصْرَ، وَاجْتَمَعُوا إِلَى إِخْوَانِهِمْ مِمَّنْ هُوَ مُمَالِئٌ لَهُمْ عَلَى السُّلْطَانِ، فَاجْتَمَعُوا وَدَعَوْا إِلَى سَلْطَنَةِ أَمِيرِ حَاجِّي، وَضُرِبَتِ الطَّبْلَخَانَاهْ، وَصَارَتْ بَاقِي النُّفُوسِ مُتَجَاهِرَةً عَلَى نِيَّةِ تَأْيِيدِهِ، وَنَابَذُوا السُّلْطَانَ الْكَامِلَ، وَعَدُّوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute