للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَدِيدَةٍ، وَنَائِبُ السَّلْطَنَةِ يَسْتَدْعِي الْأُمَرَاءَ إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَتَعَاهَدَ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا أَبَدًا، وَأَنْ يَكُونُوا يَدًا وَاحِدَةً.

وَفِي هَذَا الْيَوْمِ تَحَوَّلَ مَلِكُ الْأُمَرَاءِ مِنْ دَارِ السَّعَادَةِ إِلَى الْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، وَاحْتَرَزَ لِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ حَاشِيَتُهُ.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الرَّابِعَ عَشَرَ مِنْهُ قَدِمَ أَمِيرٌ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْبَرِيدِ، وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنَ السُّلْطَانِ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِعَزْلِ مَلِكِ الْأُمَرَاءِ يَلْبُغَا نَائِبِ الشَّامِ، فَقُرِئَ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ الْأُمَرَاءِ بِالْقَصْرِ الْأَبْلَقِ، فَتَغَمَّمَ لِذَلِكَ وَسَاءَهُ، وَفِيهِ طَلَبُهُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى الْبَرِيدِ لِيُوَلَّى نِيَابَةَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ خَدِيعَةً لَهُ، فَأَظْهَرَ الِامْتِنَاعَ، وَأَنَّهُ لَا يَذْهَبُ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَبَدًا، وَقَالَ: إِنْ كَانَ السُّلْطَانُ قَدِ اسْتَكْثَرَ عَلَيَّ وِلَايَةَ دِمَشْقَ، فَيُوَلِّينِي أَيَّ الْبِلَادِ شَاءَ، فَأَنَا رَاضٍ بِهَا. وَرَدَّ الْجَوَابَ بِذَلِكَ.

وَلَمَّا أَصْبَحَ مِنَ الْغَدِ وَهُوَ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَهُوَ خَامِسَ عَشَرَهُ، رَكِبَ فَخَيَّمَ قَرِيبًا مِنَ الْجُسُورَةِ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خَيَّمَ فِيهِ عَامَ أَوَّلٍ، وَفِي الشَّهْرِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَبَاتَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَأَمَرَ الْأُمَرَاءَ بِنَصْبِ الْخِيَامِ هُنَالِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ عَامَ أَوَّلٍ.

فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَادِسَ عَشَرَهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ مَا شَعَرَ النَّاسُ إِلَّا وَالْأُمَرَاءُ قَدِ اجْتَمَعُوا تَحْتَ الْقَلْعَةِ، وَأَحْضَرُوا مِنَ الْقَلْعَةِ سَنْجَقَيْنِ سُلْطَانِيَّيْنِ أَصْفَرَيْنِ، وَضَرَبُوا الطُّبُولَ حَرْبِيًّا، فَاجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ تَحْتَ السَّنْجَقِ السُّلْطَانِيِّ، وَلَمْ يَتَأَخَّرْ مِنْهُمْ سِوَى النَّائِبِ وَذَوِيهِ; كَابْنَيْهِ، وَإِخْوَتِهِ، وَحَاشِيَتِهِ، وَالْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>