للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اشْتُهِرَ أَخْذُ الْفِرَنْجِ الْمَخْذُولِينَ لِمَدِينَةِ طَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ. وَقَرَأَتُ مِنْ كِتَابٍ لِقَاضِي قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَخْذَهُمْ إِيَّاهَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اسْتَعَادَهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَضْعَافَ مَا قَتَلُوا أَوَّلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَأَرْسَلَ الدَّوْلَةُ إِلَى الشَّامِ يَطْلُبُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَوْقَافِ الْأُسَارَى مَا يَسْتَنْقِذُونَ بِهِ مَنْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ حَادِيَ عَشَرَ رَجَبٍ الْفَرْدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ - وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الْمَسَلَّاتِيُّ - بِقَتْلِ نَصْرَانِيٍّ مِنْ قَرْيَةِ الرَّأْسِ مِنْ مُعَامَلَةِ بَعْلَبَكَّ، اسْمُهُ دَاوُدُ بْنُ سَالِمٍ; ثَبَتَ عَلَيْهِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي بَعْلَبَكَّ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا شَهِدَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ نُورِ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ غَازِي - مِنْ قَرْيَةِ اللَّبْوَةِ - مِنَ الْكَلَامِ السَّيِّئِ الَّذِي نَالَ بِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ - وَسَبَّهُ وَقَذَفَهُ بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهُ، فَقُتِلَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - يَوْمَئِذٍ بَعْدَ أَذَانِ الْعَصْرِ بِسُوقِ الْخَيْلِ وَحَرَّقَهُ النَّاسُ، وَشَفَى اللَّهُ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ رَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ دَرَّسَ الْقَاضِي بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ السُّبْكِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ الْقَيْمَرِيَّةِ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا ابْنُ عَمِّهِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ابْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْعَادَةِ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] .

وَصُلِّي بَعْدَ الظُّهْرِ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى الشَّيْخِ الشَّابِّ الْفَاضِلِ الْمُحَصِّلِ جَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْعَلَّامَةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الْحَنْبَلِيِّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>