إِلَى حِكْرِ السُّمَاقِ وَغَيْرِهِمْ، فَثَارَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَارْذَارِيَّةِ، وَالْكَلَابَرِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرُّعَاعِ، فَتَنَاوَشُوا، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ ضَرَبَاتٌ بِالْأَيْدِي، وَغَيْرِهَا، وَرُبَّمَا سَلَّ بَعْضُ الْفُسَّاقِ السُّيُوفَ عَلَيْهِمْ كَمَا ذُكِرَ. وَقَدْ رَسَمَ مَلِكُ الْأُمَرَاءِ لِوَالِي الْمَدِينَةِ، وَوَالِي الْبَرِّ أَنْ يَكُونُوا عَضُدًا لَهُمْ، وَعَوْنًا عَلَى الْخَمَّارِينَ وَالْحَشَّاشَةِ، فَنَصَرُوهُمْ عَلَيْهِمْ، غَيْرَ أَنَّهُ كَثُرَ مَعَهُمُ الضَّجِيجُ، وَنَصَبُوا رَايَةً، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ. وَلَمَّا كَانَ فِي أَوَاخِرِ النَّهَارِ تَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ مِنَ النُّقَبَاءِ وَالْخَزَانْدَارِيَّةِ، وَمَعَهُمْ جَنَازِيرُ، فَأَخَذُوا جَمَاعَةً مِنْ مُجَاوِرِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِمْ، وَضُرِبُوا بِالْمَقَارِعِ، وَطِيفَ بِهِمْ فِي الْبَلَدِ، وَنَادَوْا عَلَيْهِمْ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ يَتَعَرَّضُ لِمَا لَا يَعْنِيهِ تَحْتَ عِلْمِ السُّلْطَانِ. فَتَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنْكَرُوهُ، حَتَّى إِنَّهُ أَنْكَرَ اثْنَانِ مِنَ الْعَامَّةِ عَلَى الْمُنَادِيَةِ، فَضَرَبَ بَعْضُ الْجُنْدِ أَحَدَهُمَا بِدَبُّوسٍ فَقَتَلَهُ، وَضَرَبَ الْآخَرَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ مَاتَ أَيْضًا. فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ حُكِيَ عَنْ جَارِيَةٍ مِنْ عَتِيقَاتِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَمُرٍ الْمَهْمَنْدَارِ أَنَّهَا حَمَلَتْ قَرِيبًا مِنْ سَبْعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ شَرَعَتْ تَطْرَحُ مَا فِي بَطْنِهَا، فَوَضَعَتْ قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ وَمُتَفَرِّقَةٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ بِنْتًا، وَصَبِيًّا بَعْدَهُنَّ، كُلُّهُنَّ يَعْرِفُ بِشَكْلِ الذَّكَرِ مِنَ الْأُنْثَى.
وَجَاءَ الْخَبَرُ بِأَنَّ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ شَيْخُونَ مُدَبِّرَ الْمَمَالِكِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ، ظَفِرَ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ مِنْ مَمَالِيكِ السُّلْطَانِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ضَرَبَاتٍ فَجَرَحَهُ فِي أَمَاكِنَ فِي جَسَدِهِ; مِنْهَا مَا هُوَ فِي وَجْهِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ فِي يَدِهِ، فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَرِيعًا طَرِيحًا جَرِيحًا، وَغَضِبَتْ لِذَلِكَ طَوَائِفُ مِنَ الْأُمَرَاءِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُمْ رَكِبُوا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute