للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] . وَنُودِيَ عَلَيْهِ فِي الْبَلَدِ: إِنَّمَا فَعَلْنَا بِهِ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، وَيُعَامِلُ بِالرِّبَا، وَحَاجِبُ السُّلْطَانِ وَمُتَوَلِّي الْبَلَدِ وَبَقِيَّةُ الْمُتَعَمِّمِينَ وَالْمَشَاعِلِيَّةُ تُنَادِي عَلَيْهِ فِي أَسْوَاقِ الْبَلَدِ وَأَرْجَائِهَا.

وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ وَرَدَ الْمَرْسُومُ السُّلْطَانِيُّ الشَّرِيفُ بِإِطْلَاقِ الدَّوَاوِينِ إِلَى دِيَارِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِخَلَاصِهِمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَالْمُصَادَرَةِ الْبَلِيغَةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ بِهِمْ فِي مُبَاشَرَاتِهِمْ.

وَفِي أَوَاخِرِ الشَّهْرِ تَكَلَّمَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ الْوَاعِظُ، قَدِمَ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ تُجَاهَ مِحْرَابِ الصَّحَابَةِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَحَضَرَ مِنْ قُضَاةِ الْقُضَاةِ: الشَّافِعِيُّ وَالْمَالِكِيُّ، فَتَكَلَّمَ عَلَى تَفْسِيرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَأَشَارَ إِلَى أَشْيَاءَ مِنْ إِشَارَاتِ الصُّوفِيَّةِ بِعِبَارَاتٍ طَلْقَةٍ مُعْرَبَةٍ حُلْوَةٍ صَادِعَةٍ لِلْقُلُوبِ، فَأَفَادَ، وَأَجَادَ، وَوَدَّعَ النَّاسَ بِعَوْدِهِ إِلَى بَلَدِهِ، وَلَمَّا دَعَا اسْتَنْهَضَ النَّاسَ لِلْقِيَامِ، فَقَامُوا فِي حَالِ الدُّعَاءِ، وَقَدِ اجْتَمَعْتُ بِهِ بِالْمَجْلِسِ، فَرَأَيْتُهُ حَسَنَ الْهَيْئَةِ وَالْكَلَامِ وَالتَّأَدُّبِ، فَاللَّهُ يُصْلِحُهُ وَإِيَّانَا. آمِينَ.

وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْآخِرَةِ رَكِبَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَيْدَمُرُ نَائِبُ حَلَبَ لِقَصْدِ غَزْوِ بِلَادِ سِيسَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ، لَقَّاهُ اللَّهُ النَّصْرَ وَالتَّأْيِيدَ.

وَفِي مُسْتَهَلِّ هَذَا الشَّهْرِ أَصْبَحَ أَهْلُ الْقَلْعَةِ وَقَدْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْأَعْرَابِ مِنْ أَعَالِي مَحْبَسِهِمْ - فِي عَمَائِمَ وَحِبَالٍ - إِلَى الْخَنْدَقِ، وَخَاضُوهُ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>