للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَيْرَانَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ خَامِسَ ذِي الْحِجَّةِ، وَكَانَ مِنَ الْمُبْتَلَيْنَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَالْقِيَامِ فِي مَصَالِحِ النَّاسِ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَالدَّوْلَةِ، وَلَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَالْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ كُجْكُنَ بْنِ الْأَقْوَشِ الَّذِي كَانَ حَاجِبًا بِدِمَشْقَ وَأَمِيرًا، ثُمَّ عُزِلَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَنَفَاهُ السُّلْطَانُ إِلَى طَرَابُلُسَ، فَمَاتَ هُنَاكَ.

وَقَدِمَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ بَيْدَمُرُ عَائِدًا مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَقَدْ لَقِيَ مِنَ السُّلْطَانِ إِكْرَامًا، وَإِحْسَانًا زَائِدًا فَاجْتَازَ فِي طَرِيقِهِ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَأَقَامَ بِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ، ثُمَّ سَلَكَ عَلَى طَرِيقِ غَابَةِ أَرْصُوفَ يَصْطَادُ بِهَا، فَأَصَابَهُ وَعَكٌّ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَسْرَعَ السَّيْرَ، فَدَخَلَ دِمَشْقَ مِنْ صَبِيحَةِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ فِي أُبَّهَةٍ هَائِلَةٍ، وَرِيَاسَةٍ طَائِلَةٍ، وَتَزَايَدَ خُرُوجُ الْعَامَّةِ لِلتَّفَرُّجِ عَلَيْهِ، وَالنَّظَرِ إِلَيْهِ فِي مَجِيئِهِ هَذَا، فَدَخَلَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مُعَظَّمٌ، وَمُطَرَّزٌ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الْحُوفِيَّةِ، وَالشَّالِيشِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَمِنْ نِيَّتِهِ الْإِحْسَانُ إِلَى الرَّعِيَّةِ، وَالنَّظَرُ فِي أَحْوَالِ الْأَوْقَافِ وَإِصْلَاحِهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ تَنْكِزَ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>