وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ سَلْخَ الشَّهْرِ نُقِلَ الْأُمَرَاءُ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِيمَا كَانُوا أَبْرَمُوهُ مِنْ ضَمِيرِ سُوءٍ لِلْمُسْلِمِينَ - إِلَى الْقَلْعَةِ، فَأُنْزِلُوا فِي أَبْرَاجِهَا مُهَانِينَ مُفَرَّقًا بَيْنَهُمْ، بَعْدَ مَا كَانُوا بِهَا آمِنِينَ حَاكِمِينَ أَصْبَحُوا مُعْتَقَلِينَ مُهَانِينَ خَائِفِينَ، فَخَارُوا بَعْدَ مَا كَانُوا رُؤَسَاءَ، وَأَصْبَحُوا بَعْدَ عِزِّهِمْ أَذِلَّاءَ، وَبَقِيَتْ أَعْيَانُ أَصْحَابِ هَؤُلَاءِ الْأُمَرَاءِ، وَنُودِيَ عَلَيْهِمْ فِي الْبَلَدِ، وَوُعِدَ مَنْ دَلَّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ بِمَالٍ جَزِيلٍ، وَوِلَايَةِ إِمْرَةٍ بِحَسَبِ ذَلِكَ، وَرُسِمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى الرَّئِيسِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ الْقَلَانِسِيِّ كَاتِبِ السِّرِّ، وَطُلِبَ مِنْهُ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَسُلِّمَ إِلَى الْأَمِيرِ زَيْنِ الدِّينِ زُبَالَةَ نَائِبِ الْقَلْعَةِ، وَقَدْ أُعِيدَ إِلَيْهَا، وَأُعْطِيَ تَقْدِمَةَ ابْنِ قَرَاسُنْقُرَ، وَأَمَرَهُ أَنَّ يُعَاقِبَهُ إِلَى أَنْ يَزِنَ هَذَا الْمَبْلَغَ. وَصَلَّى السُّلْطَانُ، وَأُمَرَاؤُهُ بِالْمَيْدَانِ الْأَخْضَرِ صَلَاةَ الْعِيدِ; ضُرِبَ لَهُ خَامٌ عَظِيمٌ، وَصَلَّى بِهِ خَطِيبًا الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ الْمُنَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ قَاضِي الْعَسَاكِرِ الْمَنْصُورَةِ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَدَخَلَ الْأُمَرَاءُ مَعَ السُّلْطَانِ لِلْقَلْعَةِ مِنْ بَابِ الْمَدْرَسَةِ، وَمَدَّ لَهُمْ سِمَاطًا هَائِلًا أَكَلُوا مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى دُورِهِمْ وَقُصُورِهِمْ، وَحَمَلَ الْجِتْرَ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى رَأْسِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرُ عَلِيٌّ نَائِبُ دِمَشْقَ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ خِلْعَةٌ هَائِلَةٌ. وَفِي هَذَا الْيَوْمِ مُسِكَ الْأَمِيرُ تُومَانُ تَمُرُ الَّذِي كَانَ نَائِبَ طَرَابُلُسَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى بَيْدَمُرَ فَكَانَ مَعَهُ ثُمَّ قَفَلَ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِمْ، فَعَذَرُوهُ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَدَخَلَ وَهُوَ حَامِلٌ الْجِتْرَ عَلَى رَأْسِ السُّلْطَانِ يَوْمَ الدُّخُولِ، ثُمَّ وَلَّوْهُ نِيَابَةَ حِمْصَ فَصَغَّرُوهُ، وَحَقَّرُوهُ، ثُمَّ لَمَّا اسْتَمَرَّ ذَاهِبًا إِلَيْهَا فَكَانَ عِنْدَ الْقَابُونِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأَمْسَكُوهُ وَرَدُّوهُ، وَطُلِبَ مِنْهُ الْمِائَةُ أَلْفٍ الَّتِي كَانَ قَبَضَهَا مِنْ بَيْدَمُرَ، ثُمَّ رَدُّوهُ إِلَى نِيَابَةِ حِمْصَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute