الشَّافِعِيِّ، دَرَّسَ بِالنَّاصِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ مُدَّةَ سِنِينَ بَعْدَ أَبِيهِ، وَبِالرِّبَاطِ الدَّوَيْدَارِيِّ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَجِ، وَكَانَ يَحْضُرُ الْمَدَارِسَ، وَنَزَلَ عِنْدَنَا بِالْمَدْرَسَةِ النَّجِيبِيَّةِ، وَكَانَ يُحِبُّ السُّنَّةَ وَيَفْهَمُهَا جَيِّدًا، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِي مُسْتَهَلِّ جُمَادَى الْأُولَى وَلِيَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجُ الدِّينِ الشَّافِعِيُّ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي فُتِحَتْ بِدَرْبِ الْقِلَى، وَكَانَتْ دَارًا لَوَاقِفِهَا جَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى التَّدْمُرِيِّ الَّذِي كَانَ اسْتَاذًا لِلْأَمِيرِ طَازْ، وَجُعِلَ فِيهَا دَرْسٌ لِلْحَنَابِلَةِ، وَجُعِلَ الْمُدَرِّسُ لَهُمُ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَيَّمِ الْجَوْزِيَّةِ، وَحَضَرَ الدَّرْسَ وَحَضَرَ عِنْدَهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ بِالدَّرْسِ، ثُمَّ جَرَتْ أُمُورٌ يَطُولُ بَسْطُهَا. وَاسْتَحْضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ شُهُودَ الْحَنَابِلَةِ بِالدَّرْسِ، وَاسْتَفْرَدَ كُلًّا مِنْهُمْ، وَسَأَلَهُ كَيْفَ شَهِدَ فِي أَصْلِ الْكِتَابِ - الْمَحْضَرِ - الَّذِي أَثْبَتُوهُ لَهُمْ، فَاضْطَرَبُوا فِي الشَّهَادَاتِ، وَضُبِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ كَثِيرَةٌ لِمَا شَهِدُوا بِهِ فِي أَصْلِ الْمَحْضَرِ، وَشَنَّعَ عَلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. ثُمَّ ظَهَرَتْ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ لِبَيْتِ طَازْ عَلَى جَمَالِ الدِّينِ التَّدْمُرِيِّ الْوَاقِفِ، وَطُلِبَ مِنَ الْقَاضِي الْمَالِكِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِإِبْطَالِ مَا حَكَمَ بِهِ الْحَنْبَلِيُّ، فَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ. وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ قُرِئَ كِتَابُ السُّلْطَانِ بِصَرْفِ الْوُكَلَاءِ مِنْ أَبْوَابِ الْقُضَاةِ الْأَرْبَعَةِ، فَصُرِفُوا.
وَفِي شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ شَيْخُ الْحَنَابِلَةِ بِالصَّالِحِيَّةِ - وَيُعْرَفُ بِالتَّتَرِيِّ - يَوْمَ الْخَمِيسِ ثَامِنِهِ. صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute