الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ، وَالنَّائِبُ الْآخَرُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ وُهَيْبَةَ، وَغَيْرُهُمَا، وَصَرَّحَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ بِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ مَا كَتَبَ بِهِ خَطُّهُ فِيهِ، وَأَجَابَهُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ مِنْهُمْ بِدَائِمِ النُّفُوذِ، فَبَادَرَ الْقَاضِي الْغَزِّيُّ، فَقَالَ لِلْحَنْبَلِيِّ: أَنْتَ قَدْ ثَبَتَتْ عَدَاوَتُكَ لِقَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ.
فَكَثُرَ الْقَوْلُ، وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ، وَكَثُرَ الْجِدَالُ وَالْمَقَالُ، وَتَكَلَّمَ قَاضِي الْقُضَاةِ جَمَالُ الدِّينِ الْمَالِكِيُّ أَيْضًا بِنَحْوِ مَا قَالَ الْحَنْبَلِيُّ، فَأُجِيبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَطَالَ الْمَجْلِسُ، فَانْفَصَلُوا عَلَى مَثَلِ ذَلِكَ، وَلَمَّا بَلَغْتُ الْبَابَ أَمَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِرُجُوعِي إِلَيْهِ، فَإِذَا بَقِيَّةُ النَّاسِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَالْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ جُلُوسٌ، فَأَشَارَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ بِالصُّلْحِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَاضِي الْقُضَاةِ تَاجِ الدِّينِ - يَعْنِي: وَأَنْ يَرْجِعَ الْقَاضِيَانِ عَمَّا قَالَا - فَأَشَارَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ وَأَشَرْتُ أَنَا أَيْضًا بِذَلِكَ، فَلَانَ الْمَالِكِيُّ وَامْتَنَعَ الْحَنْبَلِيُّ، فَقُمْنَا وَالْأَمْرُ بَاقٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ اجْتَمَعْنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدَ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ عَنْ طَلَبِهِ، فَتَرَاضَوْا كَيْفَ يَكُونُ جَوَابُ الْكِتَابَاتِ مَعَ مُطَالَعَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ، فَفُعِلَ ذَلِكَ، وَسَارَ الْبَرِيدُ بِذَلِكَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، ثُمَّ اجْتَمَعْنَا أَيْضًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ بِدَارِ السَّعَادَةِ، وَحَضَرَ الْقُضَاةُ الثَّلَاثَةُ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ، وَاجْتَهَدَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ الْقُضَاةِ وَقَاضِي الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ بِمِصْرَ، فَحَصَلَ خُلْفٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ أَنْ سَكَنَتْ أَنْفُسُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الشَّهْرِ الْآتِي.
وَفِي مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْآخِرِ كَانَتْ وَفَاةُ الْمُعَلِّمِ دَاوُدَ الَّذِي كَانَ مُبَاشِرًا لِنِظَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute