للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةٌ وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ، وَيُسْرَى عَلَى الْكِتَابِ فِي لَيْلَةٍ، فَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْهُ آيَةٌ، وَتَبْقَى طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ; الشَّيْخُ الْكَبِيرُ، وَالْعَجُوزُ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَنَحْنُ نَقُولُهَا ". فَقَالَ لَهُ صِلَةُ: مَا تُغْنِي عَنْهُمْ: " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " وَهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا صَلَاةٌ وَلَا صِيَامٌ، وَلَا نُسُكٌ وَلَا صَدَقَةٌ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ رَدَّهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ حُذَيْفَةُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ، فَقَالَ: يَا صِلَةُ، تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ. ثَلَاثًا» .

وَهَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يُرْفَعُ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، حَتَّى إِنَّ الْقُرْآنَ يُسْرَى عَلَيْهِ فَيُرْفَعُ مِنَ الْمَصَاحِفِ وَالصُّدُورِ، وَيَبْقَى النَّاسُ بِلَا عِلْمٍ وَلَا قُرْآنٍ، وَإِنَّمَا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْعَجُوزُ الْمُسِنَّةُ يُخْبِرَانِ أَنَّهُمْ أَدْرَكُوا النَّاسَ وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَهُمْ يَقُولُونَهَا أَيْضًا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ بِهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهِيَ نَافِعَةٌ لَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ غَيْرُهَا، وَقَوْلُهُ: تُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ. يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَدْفَعُ عَنْهُمْ دُخُولَ النَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَيَكُونُ فَرْضُهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الْقَوْلَ الْمُجَرَّدَ عَنِ الْعَمَلِ، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ بِالْأَعْمَالِ، الَّتِي لَمْ يُخَاطَبُوا بِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ نَجَاتَهُمْ مِنَ النَّارِ بَعْدَ دُخُولِهِمْ إِلَيْهَا، وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَكُونُ سَبَبَ نَجَاتِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الدَّائِمِ الْمُسْتَمِرِّ. وَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُرَادِينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ: " «وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُخْرِجَنَّ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» ". كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أُولَئِكَ قَوْمًا آخَرِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>