للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاصِلٌ فِي كُلٍّ مِنَ الْعَيْنَيْنِ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْعَوَرِ النَّقْصَ وَالْعَيْبَ، وَيُقَوِّي هَذَا الْجَوَابَ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمَّارُ وَأَبُو خَلِيفَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا سِمَاكٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الدَّجَّالُ جَعْدٌ هِجَانٌ أَقْمَرُ، كَأَنَّ رَأْسَهُ غُصْنُ شَجَرَةٍ، مَطْمُوسُ عَيْنِهِ الْيُسْرَى، وَالْأُخْرَى كَأَنَّهَا عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» ". الْحَدِيثَ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سِمَاكٍ بِنَحْوِهِ. لَكِنْ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: " وَعَيْنُهُ الْأُخْرَى كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ".

وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ الرِّوَايَةُ الْوَاحِدَةُ غَلَطًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ عَوْرَاءُ فِي نَفْسِهَا، وَالْأُخْرَى عَوْرَاءُ بِاعْتِبَارِ انْفِرَادِهَا. وَاللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَقَدْ سَأَلَ سَائِلٌ سُؤَالًا، فَقَالَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الدَّجَّالَ مَعَ كَثْرَةِ شَرِّهِ وَفُجُورِهِ، وَانْتِشَارِ أَمْرِهِ، وَدَعْوَاهُ الرُّبُوبِيَّةَ، وَهُوَ فِي ذَاكَ ظَاهِرُ الْكَذِبِ وَالِافْتِرَاءِ، وَقَدْ حَذَّرَ مِنْهُ جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ، كَيْفَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ، وَيُبَصَّرْ مِنْهُ، وَيُصَرَّحْ بِاسْمِهِ، وَيُنَوَّهْ بِكَذِبِهِ وَعِنَادِهِ؟ .

وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ; أَحَدُهَا أَنَّهُ قَدْ أُشِيرَ إِلَى ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: ١٥٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>