للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُبْحَانَهُ، وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: " «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ. فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ. فَيُنَادِي بِصَوْتٍ: ابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ. فَيَقُولُ: مِنْ كَمْ؟ فَيَقُولُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ، وَوَاحِدًا إِلَى الْجَنَّةِ. فَيَوْمَئِذٍ يَشِيبُ الصَّغِيرُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا فَيُقَالُ: أَبْشِرُوا، فَإِنَّ فِي يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَكُمْ فِدَاءً ". وَفِي رِوَايَةٍ: " فَيُقَالُ: إِنَّ فِيكُمْ أُمَّتَيْنِ مَا كَانَتَا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ; يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ» ". وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِطُرُقِهِ وَأَلْفَاظِهِ.

ثُمَّ هُمْ مِنْ حَوَّاءَ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُمْ مِنْ آدَمَ لَا مِنْ حَوَّاءَ، وَذَلِكَ أَنَّ آدَمَ احْتَلَمَ، فَاخْتَلَطَ مَنِيُّهُ بِالتُّرَابِ، فَخَلَقَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ. وَهَذَا مِمَّا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَرِدْ عَمَّنْ يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مِنْ سُلَالَةِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ، وَهُوَ أَبُو التُّرْكِ، وَقَدْ كَانُوا يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، وَيُؤْذُونَ أَهْلَهَا، فَأَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَا الْقَرْنَيْنِ فَحَصَرَهُمْ فِي مَكَانِهِمْ دَاخِلَ السَّدِّ إِلَى أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي خُرُوجِهِمْ عَلَى النَّاسِ، فَيَكُونُ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَحَادِيثِ.

وَهُمْ كَالنَّاسِ يُشْبِهُونَهُمْ كَأَبْنَاءِ جِنْسِهِمْ مِنَ التُّرْكِ الْغُتْمِ، الْمَغُولِ الْمُخَرْزَمَةِ عُيُونُهُمْ، الذُّلْفِ أُنُوفُهُمْ، الصُّهْبِ، شُعُورُهُمْ عَلَى أَشْكَالِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ، وَمَنْ زَعَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>