قَدْرِهِ عِنْدَ الصَّحَابَةِ، وَعَلِمَ، ﵊، أَنَّهُمْ لَا يَعْدِلُونَ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ الْأَمْرُ، وَلِهَذَا يُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
وَهَذَا الْمَقَامُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ ظُهُورُهُ كَافِيًا عَنِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أَظْهَرُ وَأَوْضَحُ وَأَجْلَى مِنْ أَنْ يُحْتَاجَ مَعَهُ إِلَى زِيَادَةِ إِيضَاحٍ عَلَى مَا فِي الْقُلُوبِ مُسْتَقِرٌّ، فَالدَّجَّالُ وَاضِحُ الذَّمِّ ظَاهِرُ النَّقْصِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَقَامِ الَّذِي يَدَّعِيهِ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ، فَتَرَكَ اللَّهُ ذِكْرَهُ وَالنَّصَّ عَلَيْهِ; لِمَا يَعْلَمُ تَعَالَى مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ مِثْلَ الدَّجَّالِ لَا يَخْفَى ضَلَالُهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَهِيضُهُمْ، وَلَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَتَصْدِيقًا لِلْحَقِّ، وَرَدًّا لِلْبَاطِلِ.
وَلِهَذَا يَقُولُ ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُسَلَّطُ عَلَيْهِ الدَّجَّالُ فَيَقْتُلُهُ، ثُمَّ يُحْيِيهِ: وَاللَّهِ مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً، أَنْتَ الْأَعْوَرُ الْكَذَّابُ الَّذِي حَدَّثَنَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ سَمِعَ خَبَرَ الدَّجَّالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ شِفَاهًا.
وَقَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ الْفَقِيهُ الرَّاوِي لِلصَّحِيحِ عَنْ مُسْلِمٍ، فَحَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ الْخَضِرُ، ﵇، وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَعْمَرٍ فِي «جَامِعِهِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute