وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ - فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر: ٨٤ - ٨٥]
[غَافِرٍ: ٨٤، ٨٥] .
وَقَالَ تَعَالَى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} [محمد: ١٨] .
وَقَدْ حَكَى الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ الْآيَاتِ ظُهُورًا خُرُوجُ الدَّجَّالِ، ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ثُمَّ فَتْحُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ، ثُمَّ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، قَالَ: لِأَنَّهَا إِذَا طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَلَوْ كَانَ نُزُولُ عِيسَى بَعْدَهَا، لَمْ يَلْقَ كَافِرًا.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّ إِيمَانَ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُهُمْ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، فَمَنْ أَحْدَثَ إِيمَانًا أَوْ تَوْبَةً يَوْمَئِذٍ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا أَوْ تَائِبًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ نُزُولِ عِيسَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] . أَيْ قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى، وَبَعْدَ نُزُولِهِ يُؤْمِنُ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ بِهِ إِيمَانًا ضَرُورِيًّا، بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَحَقَّقُونَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَالنَّصْرَانِيُّ يَعْلَمُ كَذِبَ نَفْسِهِ فِي دَعْوَاهُ فِيهِ الرُّبُوبِيَّةَ وَالْبُنُوَّةَ، وَالْيَهُودِيُّ يَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ، لَا وَلَدَ زَانِيَةٍ، كَمَا كَانَ الْمُجْرِمُونَ مِنْهُمْ يَزْعُمُونَ ذَلِكَ، عَلَيْهِمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute