للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِرَاقِ وَالشَّامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَيِّتُونَ، ثُمَّ مَبْعُوثُونَ إِلَى الْإِدَانَةِ وَالْحِسَابِ. فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا لَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ أَبَدًا، رَأَيْتُهُ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فِي مَوْسِمٍ مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ، فَوَطِئَتْهُ الْإِبِلُ بِأَخْفَافِهَا، وَالدَّوَابُّ بِحَوَافِرِهَا، وَالرَّجَّالَةُ بِأَرْجُلِهَا، حَتَّى رَمَّ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ أُنْمُلَةٌ. فَقَالَ السَّائِحُ: بَيْدَ أَنَّكَ مِنْ قَوْمٍ سَخِيفَةٍ أَحْلَامُهُمْ، ضَعِيفٍ يَقِينُهُمْ، قَلِيلٍ عِلْمُهُمْ، لَوْ أَنَّ الضَّبُعَ بَيَّتَتْ تِلْكَ الرِّمَّةَ فَأَكَلَتْهَا، ثُمَّ ثَلَطَتْهَا، ثُمَّ غَدَتْ عَلَيْهِ النَّابُ فَأَكَلَتْهُ وَبَعَرَتْهُ، ثُمَّ غَدَتْ عَلَيْهِ الْجَلَّالَةُ فَالْتَقَطَتْهُ، ثُمَّ أَوْقَدَتْهُ تَحْتَ قِدْرِ أَهْلِهَا، ثُمَّ نَسَفَتِ الرِّيَاحُ رَمَادَهُ - لَأَمَرَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُلَّ شَيْءٍ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا أَنْ يَرُدَّهُ، فَرَدَّهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ اللَّهُ لِلْإِدَانَةِ وَالثَّوَابِ.

وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ ; «أَنَّ شَيْخًا مِنْ شُيُوخِ الْجَاهِلِيَّةِ الْقُسَاةِ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، ثَلَاثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُهُنَّ، لَا يَنْبَغِي لِذِي عَقْلٍ أَنْ يُصَدِّقَكَ فِيهِنَّ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْعَرَبَ تَارِكَةٌ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ هِيَ وَآبَاؤُهَا، وَإِنَّا سَنَظْهَرُ عَلَى كُنُوزِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَإِنَّا سَنُبْعَثُ بَعْدَ أَنْ نَرِمَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>