الْجِبَالُ سَيْرَ السَّحَابِ فَتَكُونُ سَرَابًا، وَتَرْتَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا فَتَكُونُ كَالسَّفِينَةِ الْمُوبَقَةِ فِي الْبَحْرِ، تَضْرِبُهَا الْأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بِأَهْلِهَا، كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ تُرَجِّحُهُ الْأَرْوَاحُ، أَلَا وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ تَعَالَى: يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ [النَّازِعَاتِ: ٦ - ٩].
فَتَمِيدُ بِالنَّاسِ عَلَى وَجْهِهَا، وَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ، وَيَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وتَطيِرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً مِنَ الْفَزَعِ حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ، فَتَلْقَاهَا الْمَلَائِكَةُ، فَتَضْرِبُ وُجُوهَهَا، فَتَرْجِعُ، ثُمَّ يُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ، يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: يَوْمَ التَّنَادِ [غَافِرٍ: ٣٢]. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ تَصَدُّعَيْنِ، مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ، وَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ وَالْهَوْلِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ثُمَّ تُطْوَى السَّمَاءُ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَانْتَثَرَتْ نُجُومُهَا، وَخَسَفَتْ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا «.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:» الْأَمْوَاتُ لَا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ «. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ حِينَ يَقُولُ: فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [النَّمْلِ: ٨٧] قَالَ:» أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، إِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَمَّنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ عَذَابُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute