للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنُّشُورِ قَالَ الْحَلِيمِيُّ: فَالْمَلَكُ يَقْطَعُ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فِي بَعْضِ يَوْمٍ، وَلَوْ أَنَّهَا مَسَافَةٌ يُمْكِنُ الْبَشَرَ قَطْعُهَا لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنْ قَطْعِهَا إِلَّا فِي مِقْدَارِ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْدِيرِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِسَبِيلٍ، بَلْ هَذَا مِقْدَارُ مَا بَيْنَ الْعَرْشِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ. وَرَجَّحَ الْحَلِيمِيُّ هَذَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٣]

[غَافِرٍ: ١٥] ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} [المعارج: ٤] أَيْ فِي مَسَافَةٍ كَانَ مِقْدَارُهَا خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، أَيْ بُعْدُهَا وَاتِّسَاعُهَا هَذِهِ الْمُدَّةُ.

فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُرَادِ بِذَلِكَ: مَسَافَةُ الْمَكَانِ. هَذَا قَوْلٌ. وَقَدْ حَاوَلَ الْبَيْهَقِيُّ الْجَمْعَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر: ١٥] بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقْطَعُ هَذِهِ الْمَسَافَةَ فِي الدُّنْيَا فِي أَلْفِ سَنَةٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَا تَقْطَعُهَا إِلَّا فِي خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ؟ لِمَا يُشَاهِدُونَ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَعَظَمَتِهِ، وَغَضَبِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مُدَّةُ عُمْرِ الدُّنْيَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي " تَفْسِيرِهِ ": حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} [المعارج: ٤] . قَالَ: الدُّنْيَا عُمْرُهَا خَمْسُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>