وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حَدَّثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «إِذَا فَقَدْتُمُونِي فَأَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى حَوْضِهِ، بِيَدِهِ عَصًا، يَدْعُو مَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّتِهِ، أَلَا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ تَبَعًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَبَعًا» ". وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ، وَهَذَا مُرْسَلٌ عَنِ الْحَسَنِ، وَهُوَ حَسَنٌ، صَحَّحَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ بِصِحَّتِهِ بِهَذِهِ الطُّرُقِ.
إِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ يَكُونُ الْحَوْضُ قَبْلَ الْجَوَازِ عَلَى الصِّرَاطِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ظَاهِرَ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ قَبْلَ الصِّرَاطِ لِأَنَّهُ يُذَادُ عَنْهُ أَقْوَامٌ يُقَالُ عَنْهُمْ: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَرْتَدُّونَ عَلَى أَدْبَارِهِمْ، وَأَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ. فَإِنْ كَانَ هَؤُلَاءِ كُفَّارًا فَالْكَافِرُ لَا يُجَاوِزُ الصِّرَاطَ، بَلْ يُكَبُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَهُ، وَقِيلَ: إِنَّ الصِّرَاطَ طَرِيقٌ وَمَعْبَرٌ إِلَى الْجَنَّةِ، فَهُوَ إِنَّمَا يُنْصَبُ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالْعُصَاةِ، وَالْفُسَّاقِ، وَالظَّلَمَةِ، تَحْفَظُهُمْ عَلَيْهِ الْكَلَالِيبُ، فَمِنْهُمُ الْمَخْدُوشُ الْمُسَلَّمُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ الْكَلُّوبُ فَيَهْوِي فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِالرِّدَّةِ عُصَاةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَبْعُدُ حَجْبُهُمْ عَنِ الْحَوْضِ، لَاسِيَّمَا وَعَلَيْهِمْ سِيمَا الْوُضُوءِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَعْرِفُكُمْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute