للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَبَتَ فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَأَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَصُعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ؟» ". فَقَوْلُهُ: " «أَمْ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الصَّعْقَ الَّذِي يَحْصُلُ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبَبُهُ تَجَلِّي الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، فَيُصْعَقُ النَّاسُ مِنْ تَجَلِّي الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ، كَمَا صُعِقَ مُوسَى يَوْمَ الطُّورِ حِينَ تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ فَجَعَلَهُ دَكًّا، وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا.

فَمُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِذَا صُعِقَ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; إِمَّا أَنْ يَكُونَ جُوزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ فَلَا يُصْعَقُ يَوْمَئِذٍ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ صُعِقَ فَأَفَاقَ، أَيْ صُعِقَ صَعْقَةً خَفِيفَةً، فَأَفَاقَ قَبْلَ النَّاسِ كُلِّهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ، أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ اللَّهَ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ "، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: " «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ» ". وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>