للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَيْفَ تُوزَنُ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْأَعْرَاضَ أَجْسَامًا، فَتُوزَنُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُوزَنُ كُتُبُ الْأَعْمَالِ. قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي، وَعَلَى أَنَّ الْعَامِلَ نَفْسَهُ يُوزَنُ مَعَ عَمَلِهِ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَالْأَعْمَشِ، أَنَّ الْمِيزَانَ هُنَا بِمَعْنَى الْعَدْلِ وَالْقَضَاءِ، وَذِكْرُ الْوَزْنِ وَالْمِيزَانِ ضَرْبُ مَثَلٍ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا الْكَلَامُ فِي وَزْنِ هَذَا.

قُلْتُ: لَعَلَّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا فَسَّرُوا هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: ٧]

[الْأَعْرَافِ: ٨] . {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [الأعراف: ٩] . وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِشَيْءٍ مَحْسُوسٍ.

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَالْمِيزَانُ حَقٌّ، وَلَيْسَ هُوَ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى. {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} [الرحمن: ٤١] . وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «فَيَقُولُ اللَّهُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَبْوَابِ» ".

<<  <  ج: ص:  >  >>