للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ - مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَلَا خَطَرَ ذَلِكَ بِقَلْبِهِ قَطُّ، وَلَا حَدَّثَتْهُ بِهِ نَفْسُهُ - إِنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيعِ وَالتَّوْبِيخِ لِمَنِ اعْتَقَدَ فِيهِ ذَلِكَ، مِنْ ضُلَّالِ النَّصَارَى، وَجَهَلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَيَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَمِمَّنْ قَالَهَا فِيهِ وَفِي أُمِّهِ، كَمَا تَتَبَرَّأُ الْمَلَائِكَةُ مِمَّنِ اعْتَقَدَ فِيهِمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ [سَبَإٍ: ٤٠، ٤١]. وَقَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ. إِلَى قَوْلِهِ: نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الْفُرْقَانِ: ١٧ - ١٩]. وَقَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ [يُونُسَ: ٢٨ - ٣٠].

وَأَمَّا الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الْمُحَمَّدِيُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا يُسَاوِيهِ، بَلْ وَلَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ فِيهِ، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنَ التَّشْرِيفَاتِ مَا يَغْبِطُهُ بِهَا الْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا وَرَدَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَشْفَعُ فَيُشَفَّعُ، وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى

<<  <  ج: ص:  >  >>