للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِذَا أَضَاءَ قَدَّمَ قَدَمَهُ، وَإِذَا طَفِئَ قَامَ. قَالَ: فَيَمُرُّونَ عَلَى الصِّرَاطِ، وَالصِّرَاطُ كَحَدِّ السَّيْفِ، دَحْضٌ مَزَلَّةٌ. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُمْ: امْضُوا عَلَى قَدْرِ نُورِكُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَانْقِضَاضِ الْكَوْكَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالطَّرْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَالرِّيحِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُرُّ كَشَدِّ الرَّجُلِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْمُلُ رَمَلًا، فَيَمُرُّونَ عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ، حَتَّى يَمُرَّ الَّذِي نُورُهُ عَلَى إِبْهَامِ قَدَمِهِ، تَخِرُّ يَدٌ وَتَعْلَقُ يَدٌ، وَتَخِرُّ رِجْلٌ وَتَعْلَقُ رِجْلٌ وَتُصِيبُ جَوَانِبَهُ النَّارُ. قَالَ: فَيَخْلُصُونَ، فَإِذَا خَلَصُوا قَالُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْكِ بَعْدَ الَّذِي أَرَانَاكِ، لَقَدْ أَعْطَانَا اللَّهُ مَا لَمْ يُعْطِ أَحَدًا ".

قَالَ مَسْرُوقٌ: فَمَا بَلَغَ عَبْدُ اللَّهِ هَذَا الْمَكَانَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا ضَحِكَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَقَدْ حَدَّثْتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِرَارًا، كُلَّمَا بَلَغْتَ هَذَا الْمَكَانَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ ضَحِكْتَ؟! فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُهُ مِرَارًا، فَمَا بَلَغَ هَذَا الْمَكَانَ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا ضَحِكَ، حَتَّى تَبْدُوَ لَهَوَاتُهُ، وَيَبْدُوَ آخِرُ ضِرْسٍ مِنْ أَضْرَاسِهِ، لِقَوْلِ الْإِنْسَانِ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: لَا، وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ» .

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: هَكَذَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ، فَذَكَرَ آخِرَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَقَوْلَهُ تَعَالَى لَهُ: " يَا بْنَ آدَمَ، أَيُرْضِيكَ أَنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيَا وَمِثْلَهَا مَعَهَا؟ فَيَقُولُ: أَتَهْزَأُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: " لَا، وَلَكِنِّي عَلَى ذَلِكَ قَادِرٌ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>