ابْنُ جَرِيرٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ كَانَ إِبْلِيسُ رَئِيسَ مَلَائِكَةِ سَمَاءِ الدُّنْيَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِنَّهُ لَأَصْلُ الْجِنِّ كَمَا أَنَّ آدَمَ أَصْلُ الْبَشَرِ. وَقَالَ شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، وَغَيْرُهُ: كَانَ إِبْلِيسُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الْمَلَائِكَةُ، فَأَسَرَهُ بَعْضُهُمْ فَذَهَبَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ قَالُوا: فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَ آدَمَ لِيَكُونَ فِي الْأَرْضِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ مِنْهَا جَعَلَ إِبْلِيسُ وَهُوَ رَئِيسُ الْجَانِّ، وَأَكْثَرُهُمْ عِبَادَةً إِذْ ذَاكَ، وَكَانَ اسْمُهُ عَزَازِيلَ يُطِيفُ بِهِ. فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خَلْقٌ لَا يَتَمَالَكُ. وَقَالَ: أَمَا لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأَهْلِكَنَّكَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلَيَّ لِأَعْصِيَنَّكَ، فَلَمَّا أَنْ نَفَخَ اللَّهُ فِي آدَمَ مِنْ رُوحِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ دَخَلَ إِبْلِيسَ مِنْهُ حَسَدٌ عَظِيمٌ، وَامْتَنَعَ مِنَ السُّجُودِ لَهُ. وَقَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارِ، وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. فَخَالَفَ الْأَمْرَ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الرَّبِّ ﷿، وَأَخْطَأَ فِي قَوْلِهِ، وَابْتَعَدَ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ، وَأُنْزِلَ مِنْ مَرْتَبَتِهِ الَّتِي كَانَ قَدْ نَالَهَا بِعِبَادَتِهِ، وَكَانَ قَدْ تَشَبَّهَ بِالْمَلَائِكَةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِهِمْ; لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ نَارٍ، وَهُمْ مِنْ نُورٍ فَخَانَهُ طَبْعُهُ فِي أَحْوَجِ مَا كَانَ إِلَيْهِ، وَرَجَعَ إِلَى أَصْلِهِ النَّارِيِّ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [ص: ٧٣ - ٧٤]. وَقَالَ تَعَالَى: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا [الْكَهْفِ: ٥٠].
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute