الْأَخْلَاقِ، شِدَادُ الْأَبْدَانِ. {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} [التحريم: ٦] . أَيْ بِعَزْمِهِمْ، وَنِيَّتِهِمْ، فَهُمْ لَا يُرِيدُونَ أَنْ يُخَالِفُوهُ فِي شَيْءٍ أَبَدًا، لَا بِالْعَزْمِ وَلَا بِالنِّيَّةِ، لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا. {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] . أَيْ أَنَّ فِعْلَهُمْ لَيْسَ بِإِرَادَتِهِمْ وَلَا بِاخْتِيَارِهِمْ، بَلْ إِنَّمَا هُوَ صَادِرٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَهُمْ بِمَا أُمِرُوا بِهِ، بَلْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى إِبْرَازِ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الْعَزْمِ إِلَى الْفِعْلِ، فَلَهُمْ عَزْمٌ صَادِقٌ، وَأَفْعَالٌ عَظِيمَةٌ، وَقُوَّةٌ بَلِيغَةٌ، وَشِدَّةٌ بَاهِرَةٌ.
وَقَالَ تَعَالَى: {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً} [المدثر: ٣٠]
[الْمُدَّثِّرِ: ٣١] . أَيِ اخْتِبَارًا وَامْتِحَانًا، وَكَأَنَّ هَؤُلَاءِ التِّسْعَةَ عَشَرَ كَالْمُقَدَّمِينَ الَّذِينَ لَهُمْ أَعْوَانٌ وَأَتْبَاعٌ، وَقَدْ رُوِّينَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: ٣٠] ، أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى إِذَا قَالَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِهِ، ابْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الزَّبَانِيَةِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ} [الفجر: ٢٥]
[الْفَجْرِ: ٢٥، ٢٦] .
وَرَوَى الْحَافِظُ الضِّيَاءُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ الْبَصْرِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ خُلِقَتْ مَلَائِكَةُ جَهَنَّمَ قَبْلَ أَنْ تُخْلَقَ جَهَنَّمُ بِأَلْفِ عَامٍ، فَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ يَزْدَادُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute