[الْوَاقِعَةِ: ٢٧ - ٣٣] . أَيْ: لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا فِي زَمَنٍ مِنَ الْأَزْمَانِ، بَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي كُلِّ أَوَانٍ وَزَمَانٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: ٣٥] . أَيْ: لَا يَسْقُطُ وَرَقُ أَشْجَارِهَا، أَيْ: لَيْسَتْ كَالدُّنْيَا الَّتِي تَأْتِي ثِمَارُهَا فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ دُونَ بَعْضٍ، وَيَسْقُطُ أَوْرَاقُ أَشْجَارِهَا فِي بَعْضِ الْفُصُولِ، وَتُفْقَدُ ثِمَارُهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَتَكْتَسِي أَشْجَارُهَا الْأَوْرَاقَ فِي وَقْتٍ وَتَعْرَى فِي آخَرَ، بَلِ الثَّمَرُ وَالظِّلُّ دَائِمٌ مُسْتَمِرٌّ، سَهْلُ التَّنَاوُلِ، قَرِيبُ الْمُجْتَنَى، كَمَا قَالَ: {وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٣] . أَيْ: لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ أَرَادَهَا كَيْفَ شَاءَ، وَلَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ وَلَا مَاءٌ، بَلْ مَنْ أَرَادَهَا فَهِيَ مَوْجُودَةٌ سَهْلَةٌ قَرِيبَةٌ، حَتَّى وَلَوْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ فِي أَعْلَى الشَّجَرَةِ فَأَرَادَهَا الْمُؤْمِنُ ; تَدَلَّتْ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذَهَا، وَاقْتَرَبَتْ مِنْهُ، وَتَذَلَّلَتْ لَدَيْهِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا} [الإنسان: ١٤] . أَيْ: أُدْنِيَتْ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا الْمُؤْمِنُ وَهُوَ نَائِمٌ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: ٢٥] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [المرسلات: ٤٢] . وَقَالَ: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدخان: ٥٥] .
وَقَدْ سَبَقَ فِيمَا أَوْرَدْنَاهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ مِسْكٌ وَزَعْفَرَانٌ، وَأَنَّ مَا فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلَّا سَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا كَانَتِ التُّرْبَةُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute