قَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ: مُدَّةُ مَا بَيْنَ عَدْنَانَ إِلَى زَمَنِ إِسْمَاعِيلَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَبَاءٍ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ; وَذَلِكَ أَنَّ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ كَانَ عُمْرُهُ زَمَنَ بُخْتُنَصَّرَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ إِلَى أَرْمِيَاءَ بْنِ حَلْقِيَا: أَنِ اذْهَبْ إِلَى بُخْتُنَصَّرَ فَأَعْلِمْهُ أَنِّي قَدْ سَلَّطْتُهُ عَلَى الْعَرَبِ، وَأَمَرَ اللَّهُ أَرْمِيَا أَنْ يَحْمِلَ مَعَهُ مَعَدَّ بْنَ عَدْنَانَ عَلَى الْبُرَاقِ كَيْ لَا تُصِيبَهُ النِّقْمَةُ فِيهِمْ فَإِنِّي مُسْتَخْرِجٌ مِنْ صُلْبِهِ نَبِيًّا كَرِيمًا أَخْتِمُ بِهِ الرُّسُلَ فَفَعَلَ أَرْمِيَا ذَلِكَ، وَاحْتَمَلَ مَعَدًّا عَلَى الْبُرَاقِ إِلَى أَرْضِ الشَّامِ فَنَشَأَ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بَعْدَ خَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَزَوَّجَ هُنَاكَ امْرَأَةً اسْمُهَا مُعَانَةُ بِنْتُ جَوْشَنَ مِنْ بَنِي دُبِّ بْنِ جُرْهُمٍ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى بِلَادِهِ، ثُمَّ عَادَ بَعْدَ أَنْ هَدَأَتِ الْفِتَنُ، وَتَمَحَّضَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ وَكَانَ رِخْيَا كَاتِبُ أَرْمِيَاءَ قَدْ كَتَبَ نَسَبَهُ فِي كِتَابٍ عِنْدَهُ لِيَكُونَ فِي خِزَانَةِ أَرْمِيَاءَ فَيَحْفَظُ نَسَبَ مَعَدٍّ كَذَلِكَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِهَذَا كَرِهَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ رَفْعَ النِّسَبِ إِلَى مَا بَعْدَ عَدْنَانَ.
قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَإِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي رَفْعِ هَذِهِ الْأَنْسَابِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، وَلَمْ يَكْرَهْهُ كَابْنِ إِسْحَاقَ وَالْبُخَارِيِّ وَالزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ وَالطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَدْ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَرْفَعُ نَسَبَهُ إِلَى آدَمَ فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ لَهُ عِلْمُ ذَلِكَ؟ فَقِيلَ لَهُ: فَإِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute