تُورِثُ لَهُمْ صُدَاعًا فِي رُءُوسِهِمْ، وَلَا تُنْزِفُ عُقُولَهُمْ.
وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: ٢٥]
[الْمُطَفِّفِينَ: ٢٥ - ٢٨] .
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي " التَّفْسِيرِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: إِنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَجْتَمِعُونَ عَلَى شَرَابِهِمْ كَمَا يَجْتَمِعُ أَهْلُ الدُّنْيَا، فَتَمُرُّ بِهِمُ السَّحَابَةُ، فَتَقُولُ: مَا تُرِيدُونَ أَنْ أُمْطِرَكُمْ فَلَا يَشَاءُونَ شَيْئًا إِلَّا أَمْطَرَتْ عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: أَمْطِرِينَا كَوَاعِبَ أَتْرَابًا. فَتُمْطِرُهُمْ كَوَاعِبَ أَتْرَابًا.
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ شَجَرَةِ طُوبَى، فَيَذْكُرُونَ لَهْوَ الدُّنْيَا، وَهُوَ الطَّرَبُ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَتُحَرِّكُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بِكُلِّ لَهْوٍ كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ: إِنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَجْتَازُونَ، وَهُمْ رُكْبَانٌ سَائِرُونَ صَفًّا وَاحِدًا، فَلَا يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلَّا تَنَحَّتْ عَنْ طَرِيقِهِمْ، لِئَلَّا تَثْلَمَ صَفَّهُمْ وَتُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ وَأَتْحَفَتْهُمْ مِنْ ثَمَرِهَا. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَتِهِ بِهِمْ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الإنسان: ٢٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute