للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِيَاءِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ» ". أَخْرَجَاهُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". وَفَّى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: " «وَأَعْلَاهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ» ".

وَلَهُ شَاهِدٌ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا عِنْدَ ذِكْرِ رُؤْيَةِ الْمُؤْمِنِينَ رَبَّهُمْ، عَزَّ وَجَلَّ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ، كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، قَالَ: " «فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: ٣٩] » [ق: ٣٩] .

وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَيَانًا» ". فَأَرْشَدَ هَذَا السِّيَاقُ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ، عَزَّ وَجَلَّ، تَقَعُ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ فِي مِثْلِ أَوْقَاتِ الْعِبَادَاتِ، فَكَأَنَّ الْمُبَرَّزِينَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ الْأَخْيَارِ يَرَوْنَ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي مِثْلِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، بُكْرَةً وَعَشِيًّا، وَهَذَا مَقَامٌ عَالٍ، فَيَرَوْنَهُ سُبْحَانَهُ وَهُمْ عَلَى أَرَائِكِهِمْ، وَسُرُرِهِمْ كَمَا يَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَيَرَوْنَهُ أَيْضًا غَيْرَ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي وَادٍ أَفْيَحَ - أَيْ مُتَّسِعٍ - مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فَيَجْلِسُونَ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ; فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ ذَهَبٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ تُفَاضُ

<<  <  ج: ص:  >  >>