يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَتْحَفَتْهُمْ مِنْ ثَمَرِهَا، وَرَحَلَتْ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ كَرَاهَةَ أَنْ تَثْلَمَ صَفَّهُمْ، أَوْ تُفَرِّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَرَفِيقِهِ، فَلَمَّا رُفِعُوا إِلَى الْجَبَّارِ تَعَالَى أَسْفَرَ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمُ، وَتَجَلَّى لَهُمْ فِي عَظَمَتِهِ الْعَظِيمُ، فَحَيَّاهُمْ بِالسَّلَامِ، فَقَالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، وَلَكَ حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ. فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي أَنَا السَّلَامُ وَمِنِّي السَّلَامُ، وَلِي حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، مَرْحَبًا بِعِبَادِي الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي، وَرَعَوْا حَقِّي، وَخَافُوا بِالْغَيْبِ وَكَانُوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ. قَالُوا: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ وَعُلُوِّ مَكَانِكَ مَا قَدَرْنَاكَ حَقَّ قَدْرِكَ، أَدَّيْنَا إِلَيْكَ كُلَّ حَقِّكَ فَأْذَنْ لَنَا فِي السُّجُودِ لَكَ. فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ مُؤْنَةَ الْعِبَادَةِ، وَأَرَحْتُ لَكُمْ أَبْدَانَكُمْ، فَطَالَمَا أَنْصَبْتُمْ لِيَ الْأَبْدَانَ، وَأَعْنَيْتُمْ لِيَ الْوُجُوهَ، فَالْآنَ أَفْضَيْتُمْ إِلَيَّ رَوْحِي وَرَحْمَتِي وَكَرَامَتِي، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ، وَتَمَنَّوْا عَلَيَّ أُعْطِكُمْ أَمَانِيَّكُمْ، فَإِنِّي لَنْ أَجْزِيَكُمُ الْيَوْمَ بِقَدْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَلَكِنْ بِقَدْرِ رَحْمَتِي وَفَضْلِي وَطَوْلِي وَكَرَامَتِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي فَمَا يَزَالُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْأَمَانِيِّ وَالْعَطَايَا وَالْمَوَاهِبِ، حَتَّى إِنَّ الْمُقَصِّرَ فِي أُمْنِيَّتِهِ لَيَتَمَنَّى مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَهَا اللَّهُ إِلَى يَوْمِ أَفْنَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: لَقَدْ قَصَّرْتُمْ فِي أَمَانِيِّكُمْ، وَرَضِيتُمْ بِدُونِ مَا يَحِقُّ لَكُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَتَمَنَّيْتُمْ، وَأَلْحَقْتُ بِكُمْ ذُرِّيَّتَكُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute