وَأَرْنُقُ فَدْفَدَهَا، إِذَا أَنَا بِهَضَبَةٍ فِي نَشَزَاتِهَا أَرَاكٌ كَبَاثٌ مُخْضَوْضِلَةٌ، وَأَغْصَانُهَا مُتَهَدِّلَةٌ كَأَنَّ بَرِيرَهَا حَبُّ الْفُلْفُلِ، وَبَوَاسِقُ أُقْحُوَانٍ، وَإِذَا بِعَيْنٍ خَرَّارَةٍ، وَرَوْضَةٍ مُدْهَامَّةٍ، وَشَجَرَةٍ عَارِمَةٍ، وَإِذَا أَنَا بِقُسِّ بْنِ سَاعِدَةَ فِي أَصْلِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَبِيَدِهِ قَضِيبٌ فَدَنَوْتُ مِنْهُ، وَقُلْتُ لَهُ: أَنْعِمْ صَبَاحًا فَقَالَ: وَأَنْتَ فَنَعِمَ صَبَاحُكَ، وَقَدْ وَرَدَتِ الْعَيْنَ سِبَاعٌ كَثِيرَةٌ فَكَانَ كُلَّمَا ذَهَبَ سَبْعٌ مِنْهَا يَشْرَبُ مِنَ الَعَيْنِ قَبْلَ صَاحِبِهِ ضَرَبَهُ قُسُّ بِالْقَضِيبِ الَّذِي بِيَدِهِ، وَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى يَشْرَبَ الَّذِي قَبْلَكَ فَذُعِرْتُ مِنْ ذَلِكَ ذُعْرًا شَدِيدًا، وَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ: لَا تَخَفْ، وَإِذَا بِقَبْرَيْنِ بَيْنَهُمَا مَسْجِدٌ فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ الْقَبْرَانِ؟ قَالَ: قَبْرَا أَخَوَيْنِ كَانَا يَعْبُدَانِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ فَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ قَبْرَيْهِمَا أَعْبُدُ اللَّهَ حَتَّى أَلْحَقَ بِهِمَا فَقُلْتُ لَهُ: أَفَلَا تَلْحَقُ بِقَوْمِكَ فَتَكُونَ مَعَهُمْ فِي خَيْرِهِمْ، وَتُبَايِنَهُمْ عَلَى شَرِّهِمْ فَقَالَ لِي: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ وَلَدَ إِسْمَاعِيلَ تَرَكُوا دِينَ أَبِيهِمْ، وَاتَّبَعُوا الْأَضْدَادَ، وَعَظَّمُوا الْأَنْدَادَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْقَبْرَيْنِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ
خَلِيلَيَّ هُبَّا طَالَمَا قَدْ رَقَدْتُمَا ... أَجِدَّكَمَا لَا تَقْضِيَانِ كَرَاكُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute