بِمَرِّ الظَّهْرَانِ رَاهِبٌ مِنَ الرُّهْبَانِ يُدْعَى عِيصًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَكَانَ مُتَخَفِّرًا بِالْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَكَانَ اللَّهُ قَدْ آتَاهُ عِلْمًا كَثِيرًا، وَجَعَلَ فِيهِ مَنَافِعَ كَثِيرَةً لِأَهْلِ مَكَّةَ مِنْ طِيبٍ وَرِفْقٍ وَعِلْمٍ وَكَانَ يَلْزَمُ صَوْمَعَةً لَهُ، وَيَدْخُلُ مَكَّةَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَيَلْقَى النَّاسَ، وَيَقُولُ: إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يُولَدَ فِيكُمْ مَوْلُودٌ يَا أَهْلَ مَكَّةَ يَدِينُ لَهُ الْعَرَبُ، وَيَمْلِكُ الْعَجَمَ هَذَا زَمَانُهُ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ وَاتَّبَعَهُ أَصَابَ حَاجَتَهُ، وَمَنْ أَدْرَكَهُ فَخَالَفَهُ أَخْطَأَ حَاجَتَهُ، وَتَاللَّهِ مَا تَرَكْتُ أَرْضَ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ وَالْأَمْنِ وَلَا حَلَلْتُ بِأَرْضِ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ وَالْخَوْفِ إِلَّا فِي طَلَبِهِ وَكَانَ لَا يُولَدُ بِمَكَّةَ مَوْلُودٌ إِلَّا يَسْأَلُ عَنْهُ فَيَقُولُ: مَا جَاءَ بَعْدُ فَيُقَالَ لَهُ: فَصِفْهُ فَيَقُولُ: لَا وَيَكْتُمُ ذَلِكَ; لِلَّذِي قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَاقٍ مِنْ قَوْمِهِ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيَةً إِلَى أَدْنَى مَا يَكُونُ إِلَيْهِ مِنَ الْأَذَى يَوْمًا.
وَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ الْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَتَّى أَتَى عِيصًا فَوَقَفَ فِي أَصْلِ صَوْمَعَتِهِ، ثُمَّ نَادَى يَا عِيصًا فَنَادَاهُ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: كُنْ أَبَاهُ فَقَدْ وُلِدَ الْمَوْلُودُ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيُبْعَثُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَيَمُوتُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ وُلِدَ لِي مَعَ الصُّبْحِ مَوْلُودٌ قَالَ فَمَا سَمَّيْتَهُ؟ قَالَ: مُحَمَّدًا قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَشْتَهِي أَنَّ يَكُونَ هَذَا الْمَوْلُودُ فِيكُمْ أَهْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute