للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثَةَ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اغْتَمُّوا لَهُ، وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، فَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: مَا لَهُ قَدْ أَكْثَرَ التَّنَكُّسَ، إِنَّ هَذَا لِأَمْرٍ قَدْ حَدَثَ، وَذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ عُثْمَانُ يَقُولُ

أَيَا صَنَمَ الْعِيدِ الَّذِي صُفَّ حَوْلَهُ ... صَنَادِيدُ وَفْدٍ مِنْ بِعِيدٍ وَمِنْ قُرْبِ

تَكَوَّسْتَ مَغْلُوبًا فَمَا ذَاكَ قُلْ لَنَا ... أَذَاكَ سَفِيهٌ أَمْ تَكَوَّسْتَ لِلْعَتْبِ

فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَنْبٍ أَتَيْنَا فَإِنَّنَا ... نَبُوءُ بِإِقْرَارٍ وَنَلْوِي عَنِ الذَّنْبِ

وَإِنْ كُنْتَ مَغْلُوبًا تَكَوَّسْتَ صَاغِرًا ... فَمَا أَنْتَ فِي الْأَوْثَانِ بِالسَّيِّدِ الرَّبِّ

قَالَ: فَأَخَذُوا الصَّنَمَ فَرَدُّوهُ إِلَى حَالِهِ فَلَمَّا اسْتَوَى هَتَفَ بِهِمْ هَاتِفٌ مِنَ الصَّنَمِ، بِصَوْتٍ جَهِيرٍ وَهُوَ يَقُولُ:

تَرَدَّى لِمَوْلُوْدٍ أَنَارَتْ بِنُورِهِ ... جَمِيعُ فِجَاجِ الْأَرْضِ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ

وَخرَّتْ لَهُ الْأَوْثَانُ طُرًّا وَأُرْعِدَتْ ... قُلُوبُ مُلُوكِ الْأَرْضِ طُرًّا مِنَ الرُّعْبِ

وَنَارُ جَمِيعِ الْفُرْسِ بَاخَتْ وَأَظْلَمَتْ ... وَقَدْ بَاتَ شَاهُ الْفُرْسِ فِي أَعْظَمِ الْكَرْبِ

وَصُدَّتْ عَنِ الْكُهَّانِ بِالْغَيْبِ جِنُّهَا ... فَلَا مُخْبِرٌ عَنْهُمْ بِحَقٍّ وَلَا كَذِبَ

فَيَالَ قُصَيٍّ إِرْجِعُوا عَنْ ضَلَالِكُمْ ... وَهُبُّوا إِلَى الْإِسْلَامِ وَالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ خَلَصُوا نَجِيًّا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تَصَادَقُوا، وَلْيَكْتُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فَقَالُوا: أَجَلْ فَقَالَ لَهُمْ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ:

<<  <  ج: ص:  >  >>