للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدُرْتُ حَوْلَ نَاقَتِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَإِذَا نَاقَتِي تُرْعَدُ، ثُمَّ غَفَوْتُ فَرَأَيْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَانْتَبَهْتُ فَرَأَيْتُ نَاقَتِي تَضْطَرِبُ وَالْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بَرْجَلٍ شَابٍّ كَالَّذِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ، وَرَجُلٍ شَيْخٍ مُمْسِكٍ بِيَدِهِ يَرُدُّهُ عَنْهَا وَهُوَ يَقُولُ

يَا مَالِكُ بْنَ مُهَلْهِلِ بْنِ دِثَارِ ... مَهْلًا فِدًى لَكَ مِئْزَرِي وَإِزَارِي

عَنْ نَاقَةِ الْإِنْسِيِّ لَا تَعْرِضْ لَهَا ... وَاخْتَرْ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ أَثْوَارِي

وَلَقَدْ بَدَا لِي مِنْكَ مَا لَمْ أَحْتَسِبْ ... أَلَّا رَعَيْتَ قَرَابَتِي وَذِمَارِي

تَسْمُو إِلَيْهِ بِحَرْبَةٍ مَسْمُومَةٍ ... تَبًّا لِفِعْلِكَ يَا أَبَا الْغَفَّارِ

لَوْلَا الْحَيَاءُ وَأَنَّ أَهْلَكَ جِيرَةٌ ... لَعَلِمْتَ مَا كَشَّفْتَ مِنْ أَخْبَارِي

قَالَ: فَأَجَابَهُ الشَّابُّ وَهُوَ يَقُولُ

أَأَرَدْتَ أَنْ تَعْلُو وَتَخْفِضَ ذِكْرَنَا ... فِي غَيْرِ مُزْرِيةٍ أَبَا الْعَيْزَارِ

مَا كَانَ فِيهِمْ سَيِّدٌ فِيمَا مَضَى ... إِنَّ الْخِيَارَ هُمُو بَنُو الْأَخْيَارِ

فَاقْصِدْ لِقَصْدِكَ يَا مُعَكْبِرُ ... إِنِّمَا كَانَ الْمُجِيرُ مُهَلْهِلَ بْنَ دِثَارِ

قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَنَازَعَانِ، إِذْ طَلَعَتْ ثَلَاثَةُ أَثْوَارٍ مِنَ الْوَحْشِ فَقَالَ الشَّيْخُ لِلْفَتَى: قُمْ يَا ابْنَ أُخْتِ، فَخُذْ أَيُّهَا شِئْتَ فَدَاءً لِنَاقَةِ جَارِي الْإِنْسِيِّ. فَقَامَ الْفَتَى فَأَخَذَ مِنْهَا ثَوْرًا وَانْصَرَفَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الشَّيْخِ فَقَالَ: يَا هَذَا إِذَا نَزَلْتَ وَادِيًا مِنَ الْأَوْدِيَةِ فَخِفْتَ هَوْلَهُ فَقُلْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ مِنْ هَوْلِ هَذَا الْوَادِي وَلَا تَعُذْ بِأَحَدٍ مِنَ الْجِنِّ فَقَدْ بَطَلَ أَمْرُهَا قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: وَمَنْ مُحَمَّدٌ هَذَا؟ قَالَ: نَبِيٌّ عَرَبِيٌّ لَا شَرْقِيٌّ وَلَا غَرْبِيٌّ بُعِثَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ. قُلْتُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>