للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي الْفَاكِهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَقْعُدُ لِابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ» . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي صِفَةِ إِبْلِيسَ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَلَائِكَةِ الْمَأْمُورِينَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، أَهُمْ جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ؟ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ الْآيَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، أَوِ الْمُرَادُ بِهِمْ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ؟ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، وَفِي السِّيَاقِ نَكَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ رَجَّحَهُ، وَلَكِنَّ الْأَظْهَرَ مِنَ السِّيَاقَاتِ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ: «وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ» . وَهَذَا عُمُومٌ أَيْضًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِإِبْلِيسَ: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} [الأعراف: ١٣] وَاخْرُجْ مِنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي السَّمَاءِ، فَأُمِرَ بِالْهُبُوطِ مِنْهَا وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَكَانَةِ الَّتِي كَانَ قَدْ نَالَهَا بِعِبَادَتِهِ وَتَشَبُّهِهِ بِالْمَلَائِكَةِ فِي الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، ثُمَّ سَلَبَ ذَلِكَ بِكِبْرِهِ وَحَسَدِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِرَبِّهِ، فَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ مَذْءُومًا مَدْحُورًا، وَأَمَرَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْجَنَّةَ، فَقَالَ: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: ٣٥] . وَقَالَ فِي الْأَعْرَافِ: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأعراف: ١٨]

[الْأَعْرَافِ: ١٨ - ١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>