للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأحقاف: ٣٠]

ثُمَّ قَالَ وَرَقَةُ: يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أَيْ يَا لَيْتَنِي أَكُونُ الْيَوْمَ شَابًّا، مُتَمَكِّنًا مِنَ الْإِيمَانِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ. يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ. يَعْنِي: حَتَّى أُخْرَجَ مَعَكَ، وَأَنْصُرَكَ، فَعِنْدَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ» ؟ ! قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ ; لِأَنَّ فِرَاقَ الْوَطَنِ شَدِيدٌ عَلَى النُّفُوسِ.

«فَقَالَ: نَعَمْ، إِنَّهُ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. أَيْ ; أَنْصُرْكَ نَصْرًا عَزِيزًا أَبَدًا» .

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ. أَيْ: تُوُفِّيَ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِقَلِيلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ، فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الَّذِي صَدَرَ عَنْهُ تَصْدِيقٌ بِمَا وَجَدَ، وَإِيمَانٌ بِمَا حَصَلَ مِنَ الْوَحْيِ، وَنِيَّةٌ صَالِحَةٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُهُ، فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ، فَأَحْسَبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>