فِي الْأَرْضِ ". فَقَالَ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ، حَتَّى تَسَمَعَ مَا يَقُولُ لَكَ، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي. فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ١] حَتَّى بَلَغَ {وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: ٧] . قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: أَبْشِرْ، ثُمَّ أَبْشِرْ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ الَّذِي بَشَّرَ بِكَ ابْنُ مَرْيَمَ، وَإِنَّكَ عَلَى مِثْلِ نَامُوسِ مُوسَى، وَإِنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّكَ سَتُؤْمَرُ بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا، وَلَئِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ مَعَكَ. فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنَّةِ، عَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ ; لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي يَعْنِي وَرَقَةَ.» هَذَا لَفْظُ الْبَيْهَقِيِّ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ، وَهُوَ كَوْنُ الْفَاتِحَةِ أَوَّلَ مَا نَزَلَ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِضْمَارِهِ الْإِيمَانَ، وَعَقْدِهِ عَلَيْهِ، وَتَأَكُّدِهِ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَتْهُ خَدِيجَةُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ غُلَامِهَا مَيْسَرَةَ وَكَيْفَ كَانَتِ الْغَمَامَةُ تُظَلِّلُهُ فِي هَجِيرِ الْقَيْظِ، فَقَالَ وَرَقَةُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا قَدَّمْنَاهَا قَبْلَ هَذَا مِنْهَا: قَوْلُهُ:
لَجَجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى ... لَجُوجًا لِأَمْرٍ طَالَمَا بَعَثَ النَّشِيجَا
وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ ... فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute