للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنِّي جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِيَ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ بَيْنَ يَدَيَّ وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَلَمْ أَرَ شَيْئًا ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ فَأَخَذَتْنِي رِعْدَةٌ، أَوْ قَالَ وَحْشَةٌ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَأَمَرْتُهُمْ فَدَثَّرُونِي ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] حَتَّى بَلَغَ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤] » . وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ «فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَجُئِثْتُ مِنْهُ» وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَقَدُّمِ إِتْيَانِهِ إِلَيْهِ وَإِنْزَالِهِ الْوَحْيَ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ سُورَةُ {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ١] إِلَى آخِرِهَا. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ. وَقَالَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: وَلِهَذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِهَا فَرَحًا. وَهُوَ قَوْلٌ بَعِيدٌ يَرُدُّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ صَاحِبَيِ " الصَّحِيحِ " مِنْ أَنَّ أَوَّلَ الْقُرْآنِ نُزُولًا بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ١] وَلَكِنْ نَزَلَتْ سُورَةُ وَالضُّحَى بَعْدَ فَتْرَةٍ أُخْرَى كَانَتْ لَيَالِيَ يَسِيرَةً، كَمَا ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ " وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جُنْدَبِ بْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>