شَدِيدَةً، فَوَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَمِنْ خَلْفِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ احْطُطْ وِزْرَهُ، وَاشْرَحْ صَدْرَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، يَا مُحَمَّدُ، أَبْشِرْ; فَإِنَّكَ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ، اقْرَأْ. فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ وَهُوَ خَائِفٌ يُرْعَدُ: «مَا قَرَأْتُ كِتَابًا قَطُّ، وَلَا أُحْسِنُهُ، وَمَا أَكْتُبُ، وَمَا أَقْرَأُ». فَأَخَذَهُ جِبْرِيلُ، فَغَتَّهُ غَتًّا شَدِيدًا، ثُمَّ تَرَكَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ. فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِثْلَهُ، فَأَجْلَسَهُ عَلَى بِسَاطٍ كَهَيْئَةِ الدُّرْنُوكِ، فَرَأَى فِيهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَحُسْنِهِ كَهَيْئَةِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ، وَقَالَ لَهُ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الْآيَاتِ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَمُّهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ أَصْنَعُ وَكَيْفَ أَقُولُ لِقَوْمِي؟». ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ خَائِفٌ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ مِنْ أَمَامِهِ فِي صُورَةِ نَفْسِهِ، فَأَبْصَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمْرًا عَظِيمًا مَلَأَ صَدْرَهُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: لَا تَخَفْ يَا مُحَمَّدُ، جِبْرِيلُ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، فَأَيْقِنْ بِكَرَامَةِ اللَّهِ; فَإِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَا يَمُرُّ عَلَى شَجَرٍ; وَلَا حَجَرٍ; إِلَّا هُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَاطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ، وَعَرَفَ كَرَامَةَ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى زَوْجَتِهِ خَدِيجَةَ أَبْصَرَتْ مَا بِوَجْهِهِ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنِهِ، فَأَفْزَعَهَا ذَلِكَ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَنَتْ مِنْهُ جَعَلَتْ تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ، وَتَقُولُ: لَعَلَّكَ لِبَعْضِ مَا كُنْتَ تَرَى وَتَسْمَعُ قَبْلَ الْيَوْمِ. فَقَالَ: «يَا خَدِيجَةُ، أَرَأَيْتِ الَّذِي كُنْتُ أَرَى فِي الْمَنَامِ، وَالصَّوْتَ الَّذِي كُنْتُ أَسْمَعُ فِي الْيَقَظَةِ وَأُهَالُ مِنْهُ؟ فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ قَدِ اسْتَعْلَنَ لِي، وَكَلَّمَنِي، وَأَقْرَأَنِي كَلَامًا فَزِعْتُ مِنْهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute