للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي " السِّيرَةِ " قِصَّةَ رَمْيِ النُّجُومِ، وَذَكَرَ عَنْ كَبِيرِ ثَقِيفٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي النَّظَرِ فِي النُّجُومِ: إِنْ كَانَتْ أَعْلَامَ السَّمَاءِ أَوْ غَيْرَهَا. وَلَكِنْ سَمَّاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَمْ تَكُنِ السَّمَاءُ تُحْرَسُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ نَبِيٌّ أَوْ دِينٌ لِلَّهِ ظَاهِرٌ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ قَبْلَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدِ اتَّخَذَتِ الْمَقَاعِدَ فِي سَمَاءِ الدُّنْيَا، يَسْتَمِعُونَ مَا يَحْدُثُ فِي السَّمَاءِ مِنْ أَمْرٍ، فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَبِيًّا، رُجِمُوا لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أَهْلُ الطَّائِفِ، فَقَالُوا: هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِمَا رَأَوْا مِنْ شِدَّةِ النَّارِ فِي السَّمَاءِ وَاخْتِلَافِ الشُّهُبِ، فَجَعَلُوا يُعْتِقُونَ أَرِقَّاءَهُمْ، وَيُسَيِّبُونَ مَوَاشِيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ يَالِيلَ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ: وَيْحَكُمُ يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الطَّائِفِ أَمْسِكُوا عَنْ أَمْوَالِكُمْ، وَانْظُرُوا إِلَى مَعَالِمِ النُّجُومِ، فَإِنْ رَأَيْتُمُوهَا مُسْتَقِرَّةً فِي أَمْكِنَتِهَا فَلَمْ يَهْلِكْ أَهْلُ السَّمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ وَإِنْ أَنْتُمْ لَمْ تَرَوْهَا فَقَدْ هَلَكَ أَهْلُ السَّمَاءِ. فَنَظَرُوا فَرَأَوْهَا فَكَفُّوا عَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَفَزِعَتِ الشَّيَاطِينُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَتَوْا إِبْلِيسَ، فَقَالَ: ائْتُونِي مِنْ كُلِّ أَرْضٍ بِقَبْضَةٍ مِنْ تُرَابٍ، فَأَتَوْهُ، فَشَمَّ، فَقَالَ: صَاحِبُكُمْ بِمَكَّةَ. فَبَعَثَ سَبْعَةَ نَفَرٍ مِنْ جِنِّ نَصِيبِينَ، فَقَدِمُوا مَكَّةَ، فَوَجَدُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَدَنَوْا مِنْهُ حِرْصًا عَلَى الْقُرْآنِ حَتَّى كَادَتْ كَلَاكِلُهُمْ تُصِيبُهُ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>