وَنَبِيُّهُ بَعَثَنِي; لِأُبَلِّغَ رِسَالَتَهُ، وَأَدْعُوَكَ إِلَى اللَّهِ بِالْحَقِّ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْحَقُّ، أَدْعُوكَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَلَا تَعْبُدْ غَيْرَهُ، وَالْمُوَالَاةِ عَلَى طَاعَتِهِ. وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ. فَلَمْ يُقِرَّ، وَلَمْ يُنْكِرْ، فَأَسْلَمَ وَكَفَرَ بِالْأَصْنَامِ، وَخَلَعَ الْأَنْدَادَ، وَأَقَرَّ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ:» مَا دَعَوْتُ أَحَدًا إِلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا كَانَتْ عِنْدَهُ كَبْوَةٌ وَتَرَدُّدٌ وَنَظَرٌ، إِلَّا أَبَا بَكْرٍ مَا عَكَمَ عَنْهُ حِينَ ذَكَرْتُهُ، وَلَا تَرَدَّدَ فِيهِ «. عَكَمَ، أَيْ تَلَبَّثَ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ، مُنْكَرٌ; فَإِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَكَانَ يَعْلَمُ مِنْ صِدْقِهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَحُسْنِ سَجِيَّتِهِ، وَكَرْمِ أَخْلَاقِهِ، مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى الْخَلْقِ، فَكَيْفَ يَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ؟! وَلِهَذَا بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَ لَهُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ بَادَرَ إِلَى تَصْدِيقِهِ، وَلَمْ يَتَلَعْثَمْ، وَلَا عَكَمَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كَيْفِيَّةَ إِسْلَامِهِ فِي كِتَابِنَا الَّذِي أَفْرَدْنَاهُ فِي سِيرَتِهِ، وَأَوْرَدْنَا فَضَائِلَهُ وَشَمَائِلَهُ، وَأَتْبَعْنَا ذَلِكَ بِسِيرَةِ الْفَارُوقِ أَيْضًا، وَأَوْرَدْنَا مَا رَوَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَمَا رَوَى عَنْهُ مِنَ الْآثَارِ وَالْأَحْكَامِ وَالْفَتَاوَى، فَبَلَغَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مُجَلَّدَاتٍ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute