وَنَزَلَ قَوْلُهُ: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا [الْكَهْفِ: ٩]. ثُمَّ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ أَمْرِهِمْ، وَاعْتَرَضَ فِي الْوَسَطِ بِتَعْلِيمِهِ الِاسْتِثْنَاءَ، تَحْقِيقًا لَا تَعْلِيقًا، فِي قَوْلِهِ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الْكَهْفِ: ٢٣، ٢٤] ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ مُوسَى; لِتَعَلُّقِهَا بِقِصَّةِ الْخَضِرِ ثُمَّ ذِي الْقَرْنَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [الْكَهْفِ: ٨٣] ثُمَّ شَرَحَ أَمْرَهُ، وَحَكَى خَبَرَهُ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «سُبْحَانَ»: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي أَيْ خَلْقٌ عَجِيبٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَمْرٌ مِنْ أَمْرِهِ، قَالَ لَهَا: كُونِي. فَكَانَتْ، وَلَيْسَ لَكُمُ الِاطِّلَاعُ عَلَى كُلِّ مَا خَلَقَهُ، وَتَفْسِيرُ كَيْفِيَّتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ يَصْعُبُ عَلَيْكُمْ، بِالنِّسْبَةِ إِلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ; وَلِهَذَا قَالَ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الْإِسْرَاءِ: ٨٥] وَقَدْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» أَنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ فَتَلَا عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ. فَإِمَّا أَنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً، أَوْ ذَكَرَهَا جَوَابًا، وَإِنْ كَانَ نُزُولُهَا مُتَقَدِّمًا، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا إِنَّمَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَاسْتَثْنَاهَا مِنْ سُورَةِ «سُبْحَانَ»، فَفِي قَوْلِهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا خَشِيَ أَبُو طَالِبٍ دَهْمَاءَ الْعَرَبِ أَنْ يَرْكَبُوهُ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute