للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَاجَهْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيِّ عَنْ وَكِيعٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ، فَلَمْ يُشْكِنَا. وَالَّذِي يَقَعُ لِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا يَلْقَوْنَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ التَّعْذِيبِ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ، وَأَنَّهُمْ يَسْحَبُونَهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَيَتَّقُونَ بِأَكُفِّهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، وَسَأَلُوا مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُمْ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، أَوْ يَسْتَنْصِرَ عَلَيْهِمْ، فَوَعَدَهُمْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْجِزْهُ لَهُمْ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ، وَأَخْبَرَهُمْ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَهُمْ; أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْقَوْنَ مِنَ الْعَذَابِ مَا هُوَ أَشَدُّ مِمَّا أَصَابَهُمْ، وَلَا يَصْرِفُهُمْ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِمْ، وَيُبَشِّرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ سَيُتِمُّ هَذَا الْأَمْرَ، وَيُظْهِرُهُ، وَيُعْلِيهِ، وَيَنْشُرُهُ، وَيَنْصُرُهُ فِي الْأَقَالِيمِ وَالْآفَاقِ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ ﷿ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ; وَلِهَذَا قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي وُجُوهِنَا وَأَكُفِّنَا، فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يَدْعُ لَنَا فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ، فَمَنِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ الْإِبْرَادِ أَوْ عَلَى وُجُوبِ مُبَاشَرَةِ الْمُصَلِّي بِالْكَفِّ، كَمَا هُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>