حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: مَرَّ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي سُفْيَانَ وَهُمَا جَالِسَانِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: هَذَا نَبِيُّكُمْ يَا بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ. قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَتَعْجَبُ أَنْ يَكُونَ مِنَّا نَبِيٌّ! فَالنَّبِيُّ يَكُونُ فِيمَنْ أَقَلُّ مِنَّا وَأَذَلُّ. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: عَجَبٌ أَنْ يَخْرُجَ غُلَامٌ مِنْ بَيْنِ شُيُوخٍ نَبِيًّا. وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَسْمَعُ فَأَتَاهُمَا، فَقَالَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا سُفْيَانَ فَمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ غَضِبْتَ، وَلَكِنَّكَ حَمِيتَ لِلْأَصْلِ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا الْحَكَمِ فَوَاللَّهِ لَتَضْحَكَنَّ قَلِيلًا، وَلَتَبْكِيَنَّ كَثِيرًا». فَقَالَ: بِئْسَمَا تَعِدُنِي يَا ابْنَ أَخِي مِنْ نُبُوَّتِكَ. هَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِيهِ غَرَابَةٌ.
وَقَوْلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُ وَعَنْ أَضِرَابِهِ: وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الْفَرْقَانِ: ٤١ - ٤٢]
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُتَوَارٍ بِمَكَّةَ: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا [الْإِسْرَاءِ: ١١٠]. قَالَ: كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْمُشْرِكُونَ سَبُّوا الْقُرْآنَ، وَسَبُّوا مَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ. قَالَ: فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ أَيْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ، فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، وَلَا تُخَافِتْ بِهَا عَنْ أَصْحَابِكَ فَلَا تُسْمِعُهُمُ الْقُرْآنَ، حَتَّى يَأْخُذُوهُ عَنْكَ وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute